نعرف أين تتوقف حرية الإنسان حينما يخص الأمر الآخر، لكن إن كان هذا الآخر هو الإنسان نفسه، أين تقف حدود الإنسان تجاه ذاته؟ هو مدخل فلسفي لأن الموضوع تفرضه الأسئلة الفلسفية، والأسئلة الوجودية بالذات، وللتبسيط·· هل يحق للإنسان أن يقرر موته إن كانت حالته ميئوساً منها؟ وهو ''ميت سريرياً'' كما يصفه الأطباء المعالجون، هل من حقه أن يقرر بنفسه هذه النهاية السريعة للحياة؟ هذا السؤال مطروح بشدة في أوروبا وأميركا، ورغم علمانية كثير من الدول، وأتباعها القوانين الوضعية، إلا أنها لم تقر هذا الموضوع الذي يعرف بـ''الموت الرحيم'' أو الموت بدافع الرحمة أو الـ''يوثانية'' "L' Euthanasie" ففرنسا رغم علمانيتها إلا أن القانون الفرنسي يمنع ذلك، ويمنع مساعدة الآخر على إنهاء حياته، وكذلك لم تعترف الاتفاقية الأوروبية للحريات الأساسية، وحقوق الإنسان بالحق في شروع قتل النفس، ولو كان بدافع الرحمة، والتخلص من الآلام، وبلوغ الإنسان الحالات الميئوس منها· وحتى بعض الدول التي أقرته مثل هولندا وبلجيكا وأستراليا، لقيت معارضة شديدة، والأخيرة تراجعت عنه بعد الاحتجاجات الشعبية، بدعوى الأخلاق والقيم الإلهية، لكن المناصرون لإقرار قانون الموت الرحيم يدافعون بشدة عن حق الإنسان الحر والعاقل ومالك الأهلية أن يقرر ما فيه صالحه أو خلاصه من الألم، أو التخفيف من معاناته ومعاناة أسرته معه، ولا يحق للمجتمع أن يقرر بدلاً عنه، ويتخذ رأياً عاماً يخص شخصاً بعينه، هذا الجدل الفلسفي الدائر لن يحل قريباً، لأنه محل اختلاط بين الوازع الديني والقيم الأخلاقية والمسائل القانونية· واليوم هناك جدل دائر، وإن كان أخف من القتل الرحيم، ولكنه مواز له في بعض النتائج، وهو إلى أي مدى يحق للإنسان أن يغير من هيئته، وسحنته، وملامح خلقه؟ هل هو وحده من يملك هذا الحق، أم للمجتمع الذي هو عبارة عن أفراد محيطين بالإنسان يؤثرون فيه ويتأثرون به الحق أيضاً في هذا الأمر؟ بعض الولايات الأميركية تمنع جراحات التجميل إلا للضرورة، ومن أجل صحة الإنسان، ومظهره العام، وبعضها الآخر تمنع تكرار مثل هذه العمليات أكثر من 3 مرات، لذا تبقى الهجرة حيث لا قانون كالبرازيل والمكسيك وغيرها· ولنأخذ مثالاً واضحاً المغني''مايكل جاكسون'' ظل يستعمل مبيض الوجه إلى حد وصل إلى البرص، ورغم ذلك ما زالت بطاقة هويته مكتوباً أمام اللون "Black" وظل ينحت في أنفه حتى تهشمت أطرافه، مثل تمثال ''أبو الهول'' وهو اليوم يواجه مشكلات في التنفس وصعوبات في الرئة والشعب الهوائية، وهناك غيره من المهووسين من الجنسين، و''ما بينهما'' من متبعي الشفط والنفخ والتكبير والتصغير، معاكسين فعل الطبيعة، ومضرين بطبقة الأوزون!