لا أعرف من صنع فكرة أن صحيفة في إمارة لا يخصها ما يحدث في إمارة أخرى، وأن عليها أن تنتقد ما يجري في الإمارة التي تصدر فيها أو عنها، وإذا ما تناولت صحيفة حدثاً في إمارة غير إمارتها رآه البعض تعدياً، وأخذوه بحساسية مفرطة، لا ندري من المسؤول عن هذا الوهم؟ هل هم العاملون أو القائمون على الصحف من مواطنين أو إخوة مقيمين يحسبونها بالتوجس والحيطة وبكثير من الحذر، دون داع؟ أم أن السبب يعود للمسؤولين عن القطاعات المختلفة في الإمارة الذين يأخذون الأمور بتحسس زائد، وبعدم مسؤولية، وإدراك وطني، وبدون داع؟ لدينا ظاهرة أعدها جديدة، ولم تكن عندنا أيام البدايات، وأيام التجريب، وبناء المؤسسات والهيئات في الإمارات، اليوم لا نجد في صحفنا من ينقد أو ينتقد برامج محطاتنا التلفزيونية أو الإذاعية، والسبب كما يراد أن نتوهم أن معظم الصحف تابعة لمؤسسات إعلامية تملك الإذاعة والتلفزيون، وأن النقد يمكن أن يحسب سلباً على المؤسسات، ويسبب لها وللقائمين عليها بعض الحرج، وبعض اللوم، وهذا توجس، وحساسية في غير محلها، وبلا داع· فالنقد دائماً للمصلحة، وليس للانتقاد وحسب، وأن تمجيد كل ما تعرضه محطاتنا ليس من مصلحتنا، لقد غاب النقد، وحلت محله الملاطفة والمجاملة وأحياناً التكبير والتهويل، والسبب كما يراد أن نتوهم التبعية الإدارية لصحفنا التي نعدها وطنية، وهدفها الصالح العام، مهما كانت جهة إصدارها، أو تتبع لأي مؤسسة إعلامية· لا أدري ما سبب وجود 185 موظفاً في منشأة واحدة، قادر على أن يديرها إنتاجياً وإدارياً ومالياً 50 موظفاً فقط من المهنيين والمحترفين، ولن ينقص من إنتاجية المنشأة، ولا سير عملها ولا تطورها إلا 135 موظفاً هم حمولة زائدة وثقيلة، وغير منتجة، ومعطلة أحياناً في المنشأة، إن دراسة وضع بعض منشآتنا أصبح اليوم ضرورة، وتحديد الأهداف والغايات، وإعادة الهيكلة، وتغيير بعض المسارات، أصبح اليوم لزاماً علينا من أجل مصلحة الجميع، وهناك كثير من المنشآت في العالم أعيدت دراسة جدواها، وضرورة بقائها، وقللت من مصاريف إنتاجها، ورشدت من مصروفاتها، فالأزمة عالمية، وهي ليست بعيدة عنا، ولا داعي أن نكابر، أو يغلبنا منطق الناس الجهلاء، أو نرهق أنفسنا وميزانيتنا بلا داعٍ·