أجمل ما في الملحمة المصرية هو وجه العروبة الناصع الذي أطل برأسه صريحاً وواضحاً وشفافاً وصادقاً· أجمل ما في الملحمة ابني وابنك العربي وأخي وأخوك العربي وزوجتي وزوجتك·· وأختي وأختك العربية· لم أشاهد هذا المدد العربي من المحيط إلى الخليج بهذا الحب الهادر وهذا الصخب الجياش·· وهذا الفخر الآثر· شكراً لك أيتها الرياضة·· شكر لك يا أيتها الكرة المستديرة المجنونة·· فقد توحدنا بك كما لم نتوحد من قبل·· وتعانقنا بك كما لم نتعانق من قبل·· وتواصلت بك كلماتنا المحبة كما لم تتواصل من قبل· ما هذا الطوفان الهادر؟ ما سر هذا الحب الصادق المتدفق؟ لماذا الآن نبوح بعفوية ضاربين بعقد وحساسيات وأمراض الأمس عرض الحائط؟ إن الأمر بالتأكيد أكبر من مجرد انتصار فريق في ميدان لكرة القدم· إن الأمر بالتأكيد أكبر من كأس صماء مطلية بالذهب أو حتى بالألماس· إن الأمر أكبر من حسن شحاتة وأبوتريكة وعبده ربه وزيدان وزكي· إن الأمر أكبر من مجرد مظاهرات فرح حتى لو كانت بألوان المحيط والخليج· إنها بالتأكيد أكبر من كل ذلك وأعمق من كل ذلك بكثير· إنها أيها السادة قصة إنسان عربي جارت عليه الأيام· قصة إنسان عربي يملك في داخله وفي ثقافته وفي تراثه وفي يقينه وفي خاطره أكبر بكثير من واقعه المؤلم المعذب المعاش! قصة انسان عربي يملك كل المقومات التي تجعله سيداً للدنيا·· لكنها تتبخر منه دون أن يدري وكأنه بفعل فاعل! إن الانتصار العربي الأخير - لأنه كان ملحمي - أعاد فينا كل هذه المعاني المفقودة· لقد ذكرنا بقيمة الانسان العربي الذي صنع التاريخ وقاد البشرية يوماً· لقد أيقظ فينا روحاً كانت مدفونة ومجداً كان تليداً وفخراً كان حبيساً!! كم أسعدني هذا الالتفاف العربي الصادق·· فهو أهم ألف مرة من الانتصار· كم أسعدتني هذه المشاعر الجياشة المتدفقة·· هل تعرفون لماذا؟! لأننا في أمس الحاجة إليها بعد أن افتقدناها كثيراً إلى حد الضياع· الإنسان العربي·· معدن واحد وتراث واحد·· وثقافة واحدة·· ومشاعر واحدة· ما حدث يجب أن يكون نقطة التقاء جديدة نحو مفاهيم جديدة نستعيد بها الثقة والمكانة· ما حدث يجب أن يدفعنا دفعاً من أجل مزيد من التطور ومزيد من العمل الصادق الجاد في كل الميادين· شكراً للروح العربية المتوحدة· شكراً لكل العرب الذين شعروا بأن الانجاز انجازهم وبصدق· وشكراً لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي على هذه ''الفزّة'' القومية الجديدة·· ويكفي أن أقول لسموه إنه وبمجرد سماعنا لخبر تكريمك للمنتخب العربي المصري حتى ''فززنا'' جميعاً تحية وإكباراً لمن يبعث فينا من جديد روح القومية العربية المفقودة· أما أنت يا مصر فاستعيدي الفرح·· فأنت في خاطري وفي خاطر كل أبناء العروبة المحبين·