نعم لم تكن مجرد بطولة قارية انتزع لقبها المنتخب المصري، بل كانت سيمفونية حقيقية جسدت كل معاني الجدية والإخلاص والتفاني والروح القتالية العالية· قبل البطولة لم يكن منتخب مصر مرشحاً للفوز بالنجمة السادسة بل استبعد الكثيرون مجرد وصوله إلى المربع الذهبي ورشحوا غانا وكوت ديفوار والكاميرون ونيجيريا، دون ان يتوقفوا لحظة عند حقيقة ان المصريين قادرون على خلط الأوراق وإثبات أن الفوز بلقب 2006 لم يكن سوى تمهيد لانتزاع لقب 2008 لتعزيز الرقم القياسي في عدد مرات كسب ود الحسناء السمراء وضرب المعلم حسن شحاته بحملة التشكيك والتشويش عرض الحائط، ولم تهتز ثقته في نفسه ولا في لاعبيه لحظة واحدة ولم يتوقف كثيراً عند من اعتقدوا ان المنتخب المصري لا يكسب سوى على أرضه وبين جماهيره، ومضى واثق الخطوة يمشي ملكاً وهو يؤكد ان لديه ولدى لاعبيه ما يقدمونه في المونديال الأفريقي· وبدأ المشوار بترويض الأسود وباصطياد الصقور وبتجاوز زامبيا بصدارة المجموعة·· والتأهل لربع النهائي حيث كان منتخب أنجولا الضحية الجديدة ليجد المصريون أنفسهم وجهاً لوجه مع الأفيال الذين كانوا مرشحين فوق العادة لنيل اللقب الأفريقي بعد 16 عاماً من الانتظار ولكن منتخب مصر أبهر الجميع وهو يكتسح أفيال كوت ديفوار برباعية تاريخية، وعندما حان موعد النهائي رفع المصريون أمام أسود الكاميرون شعار في الإعادة·· إفادة وكسبوهم بهدف رائع لأبو تريكة صاحب الأهداف التاريخية في الكرة المصرية سواء على صعيد المنتخب أو مع ناديه الأهلي· وما أروع المشهد والمصريون يهدون العرب لقب بطولة أفريقيا للمرة السادسة دون ان يخسروا مباراة واحدة في آخر بطولتين· وما أجمل اللحظة وهم يحتفظون أيضاً بلقب أحسن لاعب وأحسن حارس ويقدمون لمنتخب أفريقيا خمسة لاعبين دفعة واحدة· وما أغلاها من مناسبة عندما يكسب العرب لقب بطولتي أفريقيا وآسيا ليلعب المصريون والعراقيون في بطولة العالم للقارات بينما يكتفي رفاق دروجبا وإيتو وإيسيان وفريدريك كانوتيه بمتابعة صيحة العرب في المونديال الأفريقي· وما أروع نجومنا العرب وهم يكسبون كل ألقاب الكرة الأفريقية، فالمصريون أسياد القارة لمدة 4 سنوات كاملة من 2006 إلى 2008 والتوانسة كسبوا لقبي بطولة أفريقيا لأبطال الدوري وبطولة الكونفدرالية الأفريقية ومعها بطولة السوبر الأفريقية عندما يلتقي النجم الساحلي مع شقيقه الصفاقسي· وتسألني عن سر تلك الفرحة العارمة التي عمت الشارع العربي من المحيط إلى الخليج فور إطلاق صافرة كوفي كودجا بتتويج مصر باللقب الغالي فأبادر وأقول إن هذا هو قدر الرياضة التي بات لزاماً عليها ان تصلح ما أفسدته السياسة فالمعاناة كثيرة·· والهموم لا حصر لها والفرحة دائماً عنوانها إنجاز رياضي جديد يجعل الشعوب تنسى ولو للحظات حالة اليأس والإحباط والمعاناة· وشكراً أبطال مصر فقد أسعدتم 300 مليون عربي في ليلة كانت أشبه بالحلم·