حلم لا يخلو من لون الفرح·· هذا يحدث الآن في أميركا، امرأة اسمها هيلاري كلينتون تخوض معركة التحدي لتضع حزبها الديمقراطي على قائمة المنتصرين للأنوثة، ولتضع أميركا سارية تهفهف بجديلة امرأة· ورجل اسمه باراك أوباما، شاب مفعم بحيوية الذين يمسكون بتلابيب الطموح، ويخرجون للعالم بسحنة سمراء من قوم عيسى، ووجه حمل لون أفريقيا وصلابة جذور أشجارها واتساع رقعة المشي باتجاه الصعب· أوباما الابن الكيني البار لبلدته الفقيرة النائية جاء منها والده وأنجبه على أرض الأحلام ومنها اتسعت حدقتا الأمل وتفرعت غصون الأمنيات وأشرعت الطموحات النوافذ والأبواب، وسار الشاب المثقف بين خطي التوازي، أفريقيا المكتنزة بالقدرات والمواهب، وأميركا المفجرة لكل الطاقات والدماء· ومضى محفوفاً بدعاء الجدة التي تابعت وتتابع عن كثب وبرغبة جامحة وأمل لا تحده حدود أن يفوز الحفيد بقيادة أقوى وأكبر دولة في العالم؛ لتفرح كينيا قبل أميركا، وتبتسم أفريقيا قبل العالم عندما يدلف أوباما إلى البيت الأبيض ويبشر العالم بغد جديد غير الذي سارت على نهجه أميركا في السنوات السابقة· هيلاري وأوباما·· الضدان اللذان يكملان الحلقة المفرغة، والندان اللذان يخطوان باتجاه كسر القاعدة والولوج الى تضاريس سياسية جديدة، قد تغير وجه أميركا ووجه العالم إن صدقت النبوءة وتفسير المؤولين والمحللين· وبصرف النظر عما إذا كان ما سيحدث يعتبر تغيراً في السياسة الأميركية أم لا، المهم في الأمر أن يعلو صوت لامرأة، ويرتفع رجل أسود في عالم رغم شفافيته إلا انه يعاني من أنين المكظومين ونحيب المظلومين، فهذا في حد ذاته انجاز إنساني· ولو تحقق حلم أحد القطبين فإنه سوف يمحو كثيراً من التشوهات التي لحقت بالدولة العظمى· أمل جديد للعالم، وحلم آخر تتورد فصوله وتزهر حقوله أن تفوز امرأة بكرسي الرئاسة أو ينال مهمش حقه في النجاح· وفي أي بقعة من هذا الكون يكون الإنجاز مدوياً وقوياً لأن البشرية بحاجة إلى يد تمتد إلى الأفق مشمولة بهوى العاشقين المدنفين في جهات الكون الأربع، المشغوفين دوماً بعمار العالم واستتباب أمنه واستقراره، والواقفين في كل حين ضد الجوع والمرض والتخلف والحروب العشوائية والصراعات المدمرة· هيلاري وأوباما هل يخرجان من شرنقة عالم أفسدته الضغائن، ويفرجان عن حمامة سلام بيضاء ناصعة من غير سوء· هذه أمنية كل إنسان على وجه الأرض أن يكون للمرأة صوت وأن يكون للذين لم يلتفت إليهم الزمان أفق وزاوية، وأن تخصب الأرض بالناس الذين يحلمون ولا يكْلمون، ويأملون ولا يتألمون، وأن يمضوا في طريق الحياة كما يمضي سواهم·· فلا لون ولا عرق ولا دين، فالأرض هي كل هذه التضاريس·