لم أحبذ يوماً كبت انفعالاتي تجاه الأشياء الجميلة التي أقابلها، مهما كانت ولمن كانت؛ ليس غريباً أن أرى أحدهم وقد ارتدى قميصاً بلون مميز أن أبادر في التعبير عن إعجابي بذوقه، وبانعكاسات تلك الألوان على وجهه، فأصفه بالعريس يوم زفافه؛ كما أنني لا أتردد إطلاقا في تحية من تأكد لي أنه قد سلم رأسه يوم أمس لحلاق أجاد تهذيب همجية شعره، وتجرأ على وجهه فرسم خطوط لحيته بعد أن كادت تفقد تفاصيلها، فأطلق ''نعيماً يا باشا'' عليه من بعد أمتار غير مبالية باحمرار وجهه بسبب التفات الجميع إليه؛ كما لا أخفي انتباهي لهندام أحدهم، وتأكيدي عليه بأن ذلك بسبب تلك الجميلة القابعة في المنزل· قس على ذلك ضحكات بعضهم الجميلة، وظرف بعضهم المميز، وطيبة أغلبهم الرائعة، وذكاء قلتهم اللافت؛ كلها أشياء لا يمكنني أن أقف أمامها صامتة؛ حاولت مرارا أن أهمس لنفسي بأن تخرس، ولكنها تأبى ليقفز ذلك الإحساس من بؤبؤ عيني معلنا إعجابي الأبدي القادم منذ قرون لجمال الحياة والألوان والأشياء· في الأماكن التي لا أجد فيها أناسا يعرفون طبيعتي، تقفز ابتسامة ساذجة معلنة اعتذاري التاريخي لقلبي الذي خذلته قيود مجتمعي، فكبلته بخنقي لإحساسه الجميل· أن ترى الجنة وأنت مستيقظ، وأن تلوح بمشاعرك بلا كفوف، وأن تقفز باطمئنان على غيوم العمر، ذلك هو الشعور عندما تطلق من قلبك الصغير انفعالاتك الجميلة تجاه الآخرين· احتفالنا بالجمال والحب في الحياة لا ينتظر مناسبة؛ هو طقس يعلمه لنا -بدون قصد- من يرقبون خروجنا للحياة منذ الولادة، الجميع يسعد، وحتى صيحاتنا الأولى هي ضحكات وليست بكاء كما يعتقدون، فلا دموع فيها ولا استمرار؛ فلنجعل من تفاصيل الحب صفة لكل يوم في الأسبوع، يوم للتسامح وآخر للتقدير، وبعده للإعجاب، ويليه للإخلاص، يتبعه يوم للتشجيع، ثم يوم للثقة، وينتهي الأسبوع بيوم للاحترام، لتعود دورة أيام الأسبوع بصفة جديدة من تفاصيل حب الحياة· أيتها الجميلة، طالما كُنتِ كذلك منذ صبانا، وها أنا ذا أراك وقد ازددت جمالا بعد عقدين من الزمان، عندما قررتِ أن ترفضي قيودهم الهلامية التي لم تقو إلا في أخيلتنا الضعيفة، وأن تعلني أن لك قلبا جبارا من حقه أن يشعر بالحياة·· هل لي أن انحني تقديرا لعينيك اللتين تتلألآن بدموع مخنوقة رفضت أن تودع مقلتيك على أناس لا يليقون بجلالتها؟