مضت عدة أيام على صدور تقرير هيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية والتوقعات التي حملها، والقائمة على مؤشرات في المجالات المعنية بالوضع الديموغرافي في البلاد· ورغم مضي هذه الأيام إلا أن أصداء ما جاء في التقرير يتفاعل ويتواصل · التقرير حمل مؤشرات إيجابية في محاور عديدة لعل في مقدمتها ارتفاع قوة العمل المواطنة بناء على تعداد السكان في العام ،2005 والتي أشارت إلى وجود معدلات نمو مرتفعة بين الجنسين في المجموعة العمرية من25-54 سنة بمتوسط معدل نمو يبلغ 5,8 في المائة سنوياً· الأمر الذي كان من أبرز عوامل ارتفاع نمو القوى العاملة المواطنة في الدولة خلال الفترة الأخيرة، والتي يتوقع أن تصل في العام المقبل الى أكثر من 420 ألف مواطن ومواطنة، وهو ما أكده في تصريحات سابقة معالي صقر غباش وزير العمل· ومن المؤشرات الإيجابية التي أبرزها التقرير المستوى غير المسبوق الذي تحقق للدولة في مجال تعليم المرأة، إذ '' حققت المرأة الإماراتية إنجازات غير مسبوقة في هذا المجال مقدراً متوسط معدل النمو السنوي للإناث الحاصلات على مؤهلات تعليمية بنحو 7,4 في المائة مقارنة بنحو 5,0 في المائة لإجمالي الإناث ممن هن في سن العمل''· بحسب ما ورد في التقرير· كما أشار التقرير إلى تفوق أعداد الإناث الحاصلات على شهادات ما بعد الثانوية العامة على أعداد الخريجين الذكور· ولكن المؤشرات الإيجابية تعد لا شيء أمام الصورة القاتمة التي برزت مع التوقعات التي أشار إليها التقرير من استمرار تفاقم الوضع القائم فيما يتعلق بالعقبة الكأداء أمام كل الخطط، والتي تتعلق بالخلل الذي يكاد يصبح أزلياً في غياب التعامل الواضح معه، ونعني به خلل التركيبة السكانية مع استمرار تفوق أعداد الوافدين على المواطنين· فقد توقع التقرير أن يصل عدد السكان في الدولة العام المقبل الى 7,5مليون نسمة، منهم مليون و 5800 مواطن فقط· أي أن نسبة المواطنين ستظل هي الأقل في بلادهم، إذ انهم لن يتعدوا الثلاثة عشر بالمئة تقريباً· وهي أقل حتى ممن كان يقوله البعض ان النسبة تصل الى 15 بالمئة من إجمالي عدد السكان· إن هذا القلق من الخلل القائم كان حاضراً دوماً في كل ملتقى وطني يتصدر لهذه المسألة التي يعد حسن تدوير وتوجيه الموارد البشرية المواطنة أحد سبل مواجهتها، وقد كان ذلك في مقدمة المحاور التي تصدى لها المؤتمر السنوى الرابع عشر لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية مطلع الشهر الجاري ·ولكن الأمر يستوجب أيضاً معالجات حاسمة ، خاصة فيما يتعلق باستمرار تدفق الطوفان البشري من الخارج· وهي معالجات منتظرة منذ أمد علي يد اللجنة الوطنية العليا التي تم تشكيلها لمواجهة خلل يتعلق بالتعامل الجاد والمدروس مع قضية تمثل هاجساً يؤرق المواطن العادي قبل المسؤول· خاصة أن الواقع المؤلم والمرير الماثل أمامنا جميعاً في كل مكان، وهي معالجات طال أمد انتظارها ونحن نرحل الحلول حتى بدت المعضلة السكانية كما لو أنها عصية الحل·