أحداث ثقافية كثيرة تأتي وتذهب ولا يحضرها غير الرسمي ونفر قليل ومن تقدم لهم الدعوات، قد لا يكون لهم اهتمام بالثقافة وقوى اجتماعية وأكثرها تجارية واقتصادية ومتنفذين في المجتمع· يأتي مثلاً بابلو كويلو ولا يلتقي بغير تاجر أو مسؤول حكومي أو اقتصادي· يحضر الشاعر أدونيس ولا يقابله شعراء الحداثة مثلاً، ولكن يمضي كل وقته في الصالونات الخاصة ومع المسؤول الحكومي، وربما يتفقد المعارض التجارية أو المؤسسات الاقتصادية· يحضر فنان عالمي ولا يعرف أن في هذه الصحراء من يشتغل على الفن، ربما نفر قليل من المعدود على الجهاز الرسمي، ولكن لا يعرف مقر الفنانين التشكيليين ولا يتاح لفنان رائع مثل حسن شريف أو أمثاله أن يلتقوا به، ولا يعرف الشباب الجدد وأعمالهم الإبداعية· يحضر سينمائي كبير ويحيط به الرسمي والجهاز الحكومي ولا يعرف طريقاً غير ذلك الممتد من الفندق الكبير إلى مكان الاحتفال، يتعرف على فنانين كثر تم احضارهم إلى الإمارات وربما لا يعرف فناناً محلياً وإن اختير البعض فإن الاختيار فقط لدفع وسد ذريعة اللوم· نعم في الإمارات اليوم حراك ثقافي كبير ومتنوع ولكن معظمه رسمي وحكومي ودعائي وليس تأسيسي ولا يلتفت إلى البناء الداخلي، ومع ذلك فإنه أفضل من سنوات ماضية لم يكن فيها للثقافة مكان أو اهتمام، والآن فقط اقتنع الرسمي أن للثقافة أهمية ودوراً مؤسساً وفاعلاً وهو عنوان للتحضر والرقي· في الإمارات ثلاث فعاليات هي الأهم حتى الآن وثباتها واستمرارها هي الواجهة الثقافية الحقيقية والحضارية، بل إن استمرارها على مدى فترة طويلة جعل من الإمارات واحدة من المحطات الثقافية الهامة في منطقة الخليج العربي، وأعني بهذه المناشط الثقافية أو المحطات، أولاً معارض الكتب السنوية والمستمرة والتي رسخت أكبر قاعدة للكتاب ونشره وجعلت من هذه المناسبة احتفالية بالنشاط الثقافي والمعرفي، حيث إنها فترة يزدهر فيها الاهتمام بالكتاب والندوات والمحاضرات والأعمال الفكرية المختلفة ويجعل الإمارات وجهة كل المثقفين في الوطن العربي، بل أن تجربة معرض الكتاب بالشارقة تمددت إلى مناطق أخرى في الإمارات وفي الخليج العربي، ولذلك يعد هذا الحدث من أهم الروافد الثقافية والمعرفية والفكرية في بلدنا العزيز· ثانياً، أيام الشارقة المسرحية وهي حدث فني كبير ومهم في الإمارات جعل المسرح المحلي ينمو ويتطور ويواصل عروضه السنوية بثبات وتقدم عاماً بعد عام، بينما في الماضي كان يعتمد على المجهودات الفردية وحسب المناسبات الخاصة أو العامة وذلك لضعف الدعم والمساندة· ثالثاً: بينالي الشارقة وهو أيضاً حدث مهم يأتي كل عام ليؤكد أهمية العمل الابداعي الفني، هذه الأحداث أو الفعاليات تؤكد أن صاحب النظرة والرؤيا الواسعة لا يطرح فكرة إلا للناس والعامة منهم·