مرة·· امرأة قتلت زوجها، دون أن تقصد، فقط كانت تنهال عليه برسائلها المزعجة والمثيرة للغضب، والتي تخرج الحليم عن حلمه وصبره، كان يقود سيارته، وهي ترميه من بعيد برسائلها الهاتفية، وفي لحظة هي بين غمامة الغضب وغشاوة العين، وقراءة الرسالة من خلف النظارة، والطريق التي قادت السيارة إلى حتفها·· مات الزوج، وهاتفه ما يزال يرن برسالة جديدة من امرأة غاضبة، وسترتدي السواد والحزن بعد قليل! مرة·· قام رجل رزين، و''تكود'' أمام الناس، سقط وسطهم، وسقطت معه ثيابه التي كانت تضفي عليه الهيبة والاحترام، والسبب هاتف الزوجة الذي كان يرن باستمرار، كلما حاول أن يجالس ضيوفه من رجال الأعمال وزوجاتهم في المطعم الساهر، الزوجة كانت تصر أن تسمع صوت زوجها، والزوج ظل سائراً وغادياً وآيباً بين رواد المطعم يحادثها من زاوية قصيّة منه بصوت يخالجه الغضب والهمس، بعيداً عن جو المطعم اللبناني الصاخب، ولأن ليس كل مرة تسلم الجرّة، تعثر الزوج الرزين بين غشاوة العين وغضب اللحظة، وأشياء كانت تعتمل في داخله، والهاتف الذي يرفض أن يصمت، وكانت عثرة لم يقم بعدها في أعماله ولأعماله، والزوجة لم يفرحها بعد ذلك تواجده جالساً في البيت على غضبه، ويسحب حزنه، وشيئاً ما انكسر في داخله! مرة·· سحب الزوج والزوجة مشكلاتهم الصغيرة والكبيرة معهم، ومع أولادهم إلى مكان للتسوق والتبضع، ولأن الصدور كانت تغلي، والنفوس يتطاير شررها، لم يكملوا المشوار، وتصاعدت بداية الشتائم المتبادلة، فأفحش الزوج، ولم تقصر الزوجة، ولم يراع أحدهما مشاعر الأولاد، ولم يحتشموا من الناس، وفضول تجمهرهم، خاصة أن فيهم الذي ''يسوا والذي لا يسوا'' فانتقلوا من طعن الكلام إلى ضرب الجوارح، كان مشهداً وإن خرج أبطاله من دهشة المكان، إنما ظل راسخاً في ذاكرة الناس! مرة·· وصل زوجان بطريق حياتهما إلى نهايته، دون أن يدرك أحداهما أنهما قضيا وطراً طويلاً، وربما جميلاً من عمرهما، وأن مابقي من الطريق هي خطوات متعثرة أو متعكزة، ولا تقود إلا إلى محطة أخيرة·· حفرة باردة، موحشة، مظلمة كزرقة الليل! ناكر المعروف والجميل يمكن أن يشيح بوجهه دون أن يرى ما تساقط من خير ومعروف ودهشة من وجه الآخر! الصغير في العمر، والخفيف في التجربة، إن طار تقصفت أجنحته، وإن حلّ طار به عقله!