تلقيت اتصالاً ملحاً من باحث فرنسي قال إنه بذل جهداً لا يستهان به للعثور عليّ و ترك لي رسائل صوتية باللغة العربية والإنجليزية وأردفهما بلغته الأم· وتنفس الصعداء عندما عاودت الاتصال به وقال: أخيراً تحقق حلمي· فقلت في نفسي يا له من شعور جميل أن أملك شيئاً يأتي بالسعادة في زمن أصبحت فية الأمور عادية لا أكثر· قال أتمنى أن أراك قريباً، فما كان في مخيلتي سوى أغنية فيروز ''الآن الآن وليس غداً '' فوافقت أن أراه في اليوم التالي· وجاء مرتبكاً لتعطل خطوط السير وادعاء سائق الأجرة معرفته بالمكان· بعد الاستقرار وقبول الأعذار و الاعتذار دخل في الموضوع، فقال بلسان ابن منظور: لقد جئت أبحث عن تفاصيل تخص فن الليوه وتلك التي لها علاقة بالروحانيات· ولقد أرشدني أغلب الباحثين و الممارسين إليك، هل نستطيع تبادل بعض الابحاث، فأنا في مراحلي الأخيرة من أطروحة الدكتوراة والتي تتمحور حول الليوه· قلت: نعم بكل سرور· لقد هجر فن الليوه السواحل الإفريقية منذ قرابة الـ 170 عاماً، ولقد جلبه البحارة والغواصون ليعبر عنهم ويساعدهم على فهم منظومة العالم والبيئة تحت متغيرات الحالة الاجتماعية وتلك الخارجة عن سيطرتهم المباشرة· وتتضارب آراء الباحثين حول تسمية الليوه؛ فيقول الباحث وحيد الخان إنها سواحلية الاصل قد تكون تحريفا لكلمة هيوه التي تعني ''هذا اليوم'' فتستخدم لدعوة الناس للحضور فيه· ورأي آخر تصور التسمية على أنها تشبيه لنوع من السفن ذات المقدمة الدائرية الشكل فكلمة ليوه ''الدائرة التي ترقص''· ويتصور باحثون آخرون أن كلمة ليوه التي تعني ''الشرب'' هي تحوير لمنطوق ''كي ليوه'' أو الدعوة لشرب ما تخمر من مشروبات شعبية يتناولونها قبل بدء الرقص الدائري، وبالتداول الشفهي أصبحت ''كي ليوه'' ليوه· ويجتهد فريق آخر من الباحثين فينسب التسمية إلى العربية، وذلك بأنه من الشروط الأساسية لهذا الفن اكتمال دائرة يتوسطها علم أو راية· وفي العربية يكون ذلك ''اللواء''· ويقول الشاعر علي عبدالله خليفة ان الليوه هي من فنون العزاء التي يمارسها سكان السواحل الافريقية· فقال السيد سابيان: متى تشابكت الروحانيات بهذا الفن؟ أيها السيد، هذا سؤال محوري ورمزي أيضاً، فمن البديهي ملاحظة انصهار وازدواجية الليوه، حيث تؤدى الأغاني بالعربية و السواحلية وتتشكل عبارات تتغنى بالبحر و الساحل والواقع والخيال والمعاناة الفردية و الجماعية فمن أغاني لليوه أغنية: فيروز الغالي ساروا يبيعونه يالله بهبوب الغربي ان شاء الله يردونه فقال السيد سابين: إن الليوه عميقة وللحديث بقية، وإلى أن نلتقي في المؤتمر القادم لليونسكو في باريس· ودعته وأنا أترقب أبناء الوطن للبحث بهمة وتفان في التفاصيل المتناثرة في عالم متغير يقبل التغيير ولا يقبل البتر· ونظر الى لحظات الوداع أعضاء فريق عملي وابتسمت إحداهن قائلة: دكتورة عائشة أود أن أقول لك ''أنا أيضاً أتحدث المكسيكية بطلاقة''·