جاء الالتفاف الشعبي والرسمي الخليجي في رفض المزاعم الفارسية بحق جزرنا الثلاث المحتلة من قبل ايران، وكذلك أسطوانة طهران المشروخة عن البحرين، تعبيرا عن وقفة أبناء دول مجلس التعاون الخليجي في وجه الأحلام الفارسية التي لم تبرح الأصوات النشاز لأصحابها الذين وصفهم الأمين العام لدول المجلس عبدالرحمن بن حمد العطية بأنهم مسكونون بأحلام التوسع· إن استمرار هذه الأصوات في إطلاق أراجيفها ومزاعمها لا يعكس سوى رغبة دفينة لدى بعض جيراننا الذين لا يحفظون للجيرة أو للأخوة والانتماء لذات العقيدة أي حق أو اعتبار· وهي مزاعم وأباطيل لا تخدم من قريب أو بعيد أي مساع أو جهود خاصة بتعزيز الامن والاستقرار في منطقتنا الخليجية· وهذه الاصوات وما يصدر منها ليست مجرد سلعة للترويج في مواسم الانتخابات او تصريحات تمثل أصحابها كما يحاول سدنة الدبلوماسية الايرانية تسويقها لنا، قدر ما هي طريق ممنهج يعبر عن خط شوفيني استعلائي متعصب، وإن تقلبت واختلفت معارجه البيانية، إلا أنه حافظ على مساره الثابت منذ العهد الشاهنشاهي وحتى يومنا هذا· وكلنا نتذكر الاحتفالات الاسطورية التي أقامها الشاه الراحل محمد رضا بهلوي بمرور خمسة آلاف عام على قيام الامبراطورية الأخمينية، والخطاب العنصري الذي ألقاه بنبرته المتعنجهة للمناسبة من على عرش الطاؤوس وحمل أحلامه التوسعية· ومنذ أيام ألقى السادة الجدد في طهران خطابات بمناسبة الذكرى الثلاثين لوصولهم إلى الحكم حملت ذات النبرة الاستعلائية والأحلام المريضة بقيام امبراطورية توسعية قائمة على احتلال أراضي الجيران، وادعاء انتماء دولة خليجية شقيقة مستقلة ذات سيادة لهم، والتدخل في الشؤون الداخلية للآخرين وإثارة الفتن الطائفية والمذهبية هنا وهناك· الشاهنشاه آريا مهر أقام احتفالاته الأسطورية وتحدث عن أحلامه، بينما كان العوز يعصف بشعبه، وسادة طهران ومغامروها الجدد يتحدثون عن أحلامهم، بينما تطحن الفاقة والبؤس ملايين الإيرانيين في ظل غياب توجه تنموي حقيقي، وهم يبددون موارده على بناء الأوهام المثيرة للقلق و زرع التوتر وزعزعة أمن واستقرار هذه المنطقة الحيوية من العالم· وما أشبه الليلة بالبارحة، ذات الدعاوى ونفس المزاعم والأباطيل والأحلام الفارسية التوسعية· إن وقفة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وكذلك الجامعة العربية في وجه هذه المزاعم التي تطل علينا في توزيع مكشوف للأدوار على الضفة الأخرى من الخليج العربي، ينبغي أن يستتبعه تنسيق للمواقف باتجاه المجتمع الدولي، وهو يواجه تحديا كبيرا في جعل إيران دولة طبيعية بدلا من أن تكون منبرا للتصريحات والتصرفات المتفلتة التي لا تسمح بقيام علاقات طبيعية يفترض أن تكون بين الجيران، علاقات طبيعية تقوم على حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى والكف عن أحلام التوسع وتصدير الأفكار والانقلابات على الأنظمة الشرعية· ولعل من مفاتيح بناء هذه العلاقات المنشودة إنهاء إيران احتلالها لجزرنا الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسي بالتجاوب مع مبادرات الإمارات بالتفاوض المباشر أو إحالة الأمر للتحكيم الدولي، ووقف مزاعمها حول البحرين وطمأنة جيرانها بشأن برنامجها النووي الذي يثير قلق العالم بأسره·