عندما تتناقل الصحف ووكالات الأنباء والفضائيات والمواقع اليوم حدث تكريم سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء لنخبة من نجوم دورة الخليج السابقين الذين يعانون من ظروف معيشية صعبة، أو الذين أعطوا الكثير للبطولة وباتوا في دائرة النسيان·· فإن الذاكرة تأخذك على الفور إلى العصر الذهبي لكرة الإمارات في الثمانينيات ومطلع التسعينيات·· حيث كان سموه رئيساً لاتحاد كرة القدم في فترة من أروع الفترات وأخصبها·· ويكفي حدث واحد فقط للدلالة على ذلك وهو صعود منتخب الإمارات إلى نهائيات كأس العالم 90 بإيطاليا·· بعد 18 سنة فقط من ممارسة كرة القدم بصورة منتظمة·· وهو الأمر الذي وصفه بعض المراقبين أيامها بأنه أشبه بالمعجزة· وأيامها ولأن الإنجاز كان عظيماً ولم تقدر عليه دول كانت تسبق الإمارات بعشرات السنين فقد قال البعض إنه حدث بضربة حظ·· ولأنني تشرفت بمعاصرة الإنجاز وعشت وقائعه مع البعثة في سنغافورة فقد حقت علي الشهادة·· وأقول بكل ثقة إن منتخب الإمارات صعد لنهائيات كأس العالم لأول مرة في تاريخه عن جدارة واستحقاق فقد كان أفضل الفرق المشاركة بعد منتخب كوريا الذي صعد في نفس البطولة بالمركز الأول وصعدت الإمارات بالمركز الثاني· ولأن الموضوع شرحه يطول فسوف أكتفي بذكر واقعتين للدلالة على أحقية الإنجاز الذي لا يزال وسيظل تاريخاً نتحاكى ونتشرف به ونتمنى تكراره·· الواقعة الأولى أؤكد من خلالها أن جميع المنتخبات التي شاركت في التصفيات النهائية عن طريق التجمع في سنغافورة- أكتوبر 89 - وهي كوريا الجنوبية وكوريا الشمالية والصين والإمارات والسعودية وقطر كانت أقوى منتخبات القارة في تلك الفترة وكانت جميعها تعتمد على الهواية حيث لم يكن الاحتراف قد شق طريقه في القارة الآسيوية بعد· وبيت القصيد يقول إن منتخب الإمارات في تلك الفترة كان يعيش قمة الهواية·· حيث كان الاهتمام بمنتخب الإمارات في قمته مادياً ومعنوياً (وضع مائة خط تحت كلمة معنوياً) حيث كان الالتفاف حول المنتخب من الجميع بمثابة شيء لا يجوز المساس به·· وقمة الهواية الإماراتية كان تفوق كل دول الخليج تقريباً وكان المنتخب في أحسن حالاته من الناحية الفنية·· حيث تولاه المدرب الإيراني المعروف حشمت مهاجراني وأسسه لمدة أربع سنين ثم جاء كارلوس ألبرتو المدرب البرازيلي الشهير ونجم المنطقة حينذاك·· وانطلق به أربع سنوات أخرى·· وفي وقت الإنجاز كان يقود المنتخب·· البرازيلي الكبير ماريو زاجالو·· وما أود قوله إننا ككرة إمارات وكمنتخب إمارات كنا نعيش في تلك الأثناء عصراً ذهبياً حقيقياً·· وكان المنتخب مؤهلاً بعد فترة عمل مستقرة وطويلة لتحقيق إنجاز ملفت·· وشاءت الأقدار أن يكون هذا الإنجاز الملفت هو الصعود المستحق لكأس العام 90 بإيطاليا· والأمر الثاني الذي أريد ذكره للدلالة على أحقية الإنجاز إضافة إلى نخبة من اللاعبين يندر وجود مثيل لهم·· التزاماً، وروحاً، وحباً، وانتماءً·· نعم إضافة إلى هذا السبب المهم ·· كانـــت هنــالك شــخصية القائــــد سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان رئيس الاتحاد الذي صرف من جيبه الخاص ما يزيد عن 40 مليون درهم طوال فترته من 84 إلى 93 ، أما ما فعله سموه خلال وجود المنتخب في سنغافورة فهذا شرحه يطول ·· ويكفي من كثرة اتصالاته بإخوانه اللاعبين أن كل لاعب بالبعثة كان يشعر أن سموه يعيش معنا·· نعم الشيخ حمدان بن زايد هو فارس العطاء·· وما يحدث اليوم من تكريم لنجوم أرهقتهم الحياة أبداً ليس بجديد عليه·