في صومعة القلب التقيته، بادلته الحديث بهدوء على غير عادتي، تبدو الأمور خارج سيطرتي تماماً على الرغم من إيقاعنا الدقيق في تناوب الجمل فحضرة وجوده لها رهبة مهيبة؛ كنا متقابلين، تفصلنا سنوات طويلة عاشت فيها حضارات حكمها ملوك ينافقهم الكهنة طوال الوقت، وملكات شعورهن طويلة ولهن جوارٍ كُثر لا يمللن من تمشيطهن؛ كنا متقابلين فتناظرنا طويلاً حتى أعلن الصمت ضجره فغادرنا مع السفن الراحلة بعيداً خلف الأفق حتى من دون أن يلتفت لتلويحنا· أخبرني أنه يريد الذهاب لأن هناك مناسبة يجب أن يحضرها، فأجبته أن في كل اللحظات والساعات والأيام هناك مناسبة مهمة له، وأن من يجعلون له يوماً خاصاً وساعة بعينها إنما يريدون حصره وخنق حضوره؛ أخبرني أن هدايا كثيرة عليه تزيينها، أجبته أن حضوره يغني عن الدنيا، فعن أي هدايا يتحدث؛ قال إن عليه تحضير الكثير من كلمات الحب والغزل ليكتبها العشاق على بطاقات ملونة، فأجبته أن العشاق الحقيقيين لهم نبضات تملأ كتب الدنيا دفئاً؛ حاول أن يقنعني بأن أصباغه الحمراء ستفسد لو لم يدهن بها القلوب الكثيرة، وشرائط الساتان، فأجبته·· القلوب النابضة لا تحتاج ألوان صناعية قابلة للعطب! سألني وماذا تريدين أنت من حضوري؟ فأجبته، أريدك أن تخبرهم بأنك أكثر من كل هذه الأشياء التي تريد أن تذهب لأجلها، أريدك أن تملأ بوجودك المكان فلا يبقى مكان للأنانية والحساسية والحقد والتملك؛ أريدك أن تريهم أنك خليط رباني من التقدير والإعجاب والثقة والعطاء والود والاحترام والوفاء· أريدك أن تفهمهم أن الحب يبدأ عندما يحب الإنسان نفسه فيرفع من شأنها ويرفع من حوله معها، بتقديرهم واحترامهم والاعتراف بالجمال فيهم؛ أريدك لكل الساعات والأيام والسنوات، لكل العقول قبل القلوب، وقتها ستتلون الأشياء وحدها من دون الأصباغ الحمراء، وستملأ الكلمات الدافئة العالم· هناك على هوامش قاموسي الخاص الذي ألفت كل كلماته وجعلتها سرية، سأدون طلاسمي الصغيرة، لعلها تجد في عصر ما، فارساً يفكها ويطلقني من سحر الشريرة؛ وقتها سأطير عالياً، حيث يسطع القمر في مداراته، لأنه سيتخذ مني قلادة يتباهى بها في ليالي اكتماله؛ وفي أسوأ الأحوال سيجعلني قرطاً له، يُغني العشاق عن قناديلهم· Als_almenhaly@admedia.ae