نشر الأمن والأمان والسلام والاطمئنان، شأن من شؤون الإنسان في الدول المتحضرة، والتي تعنى بالعقل والوجدان، وترى ضرورة قصوى في تحقيق الأنساق الاجتماعية المتساوية المتوازية، والمتصالحة مع النفس، المتوائمة مع الواقع، المتلائمة في شرائحها وفئاتها وأعراقها وأديانها ورؤاها نحو الحياة· ويأتي إطلاق المشروع الوطني ''أمن وسلامة المؤسسات التعليمية'' برعاية سامية من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك تأكيداً على الإيمان والثقة بأهمية التلاحم والتلازم والتفاهم والانسجام والالتئام والاقتسام للهم الاجتماعي والوطني· وأي مجتمع يفوه بالحب ويزرع الدرب بأعشاب الحياة لا تعثره شائبة ولا تكدره خائبة ولا تقدره نائبة، فهذا قانون طبيعي إذا صحت الأعضاء سلم الجسد من العلل والزلل والكلل· ومجتمع الإمارات كوطن وشعب وقيادة أثبت على مدى مراحل التطور والمسيرة الإنسانية، أنه مجتمع مبني على ركائز التوافق والتناسق، بل هو مجتمع - لوحة تشكيلية تتكامل فيه ألوان الحياة وتتماثل الخطوط ويبدو المشهد الإنساني فيه شجرة وارفة، غارفة من جب الحب، عازفة على لحن الحياة للجميع والمستقبل راحة تخضبها أنفاس الكل·· معدن هذا الشعب من منجم هذه القيادة التي أيقظت الروح ونهضت بالصروح وعبدت ومهدت وشيدت وسيدت الإنسان على نفسه دون إرغام أو أوهام أو إبهام أو إحجام·· الأمر الذي جعل هذا المجتمع مثالاً يحتذى ونموذجاً يقتدى به وعلماً بسارية طالت عنان السماء وشقت أتون الأرض ومدت للمدى فروعاً وجذوعاً ونصوعاً ونبوغاً وبلوغاً أسمع القاصي والداني في الجهات الأربع· وما الدعوة إلى المشروع الوطني ''الأمن والسلامة للمؤسسات التعليمية'' إلا استكمال للمسيرة وإيفاء ووفاء للوعد والعهد من أجل وطن لا يكبو ولا يخبو ومن أجل إضاءة بلا ضوضاء ومن أجل شعاع بلا إشاعة ومن أجل مزيد من التألق والأناقة واللباقة والرشاقة والمذاقة وروعة الرؤية وبديع الرؤى· وكلما احتدمت الجهات من حولنا واضطربت واكفهرت وادلهمت وأحجمت، نكون في أمسّ الحاجة إلى هذا المسعى والمعنى والمغزى· لمزيد من الحصانة والرصانة والرزانة والمنعة والرفعة والشموخ والأنفة·· مجتمعنا بحاجة إلى هذه الجهود المخلصة الصادقة الأمينة الثمينة، وإنساننا الإماراتي المتآلف المتحالف من أجل رقيه وجماله وسموق أشجاره يجد في مثل هذه المشاريع الحية النابضة مبتغاه ورضاه ومناه ليمضي قدماً باتجاه مستقبل حبه الأول ''الإمارات'' وعشقه هذه الأرض السخية العطية الرضية البهية الزهية الوفية· ولا شيء أهم من أن تكون البداية مع البراعم وفلذات الكبد وأنساق الروح، هؤلاء النبت والبذور الطالعة من حقها أن تجد نفسها بين يدي الرعاية والعناية والدراية بشأنها وفنها وشجنها، هؤلاء الأشبال اليوم ضراغم الغد، هم سدنا وسندنا، وصدنا ومددنا ويدنا التي تمنع كل عابث وتردع كل رافث وتطوق الوطن بقلائد وقصائد وحرائر وأساور بالحب والوفاء والانتماء والالتقاء على كلمة واحدة وشوق واحد وتوق واحد ونسق واحد وعشق واحد ودرب واحد ورب واحد وقلب واحد· هؤلاء هم الذين ننظر إليهم ويحدونا الأمل بأن يكونوا منا ولنا وإلينا، هؤلاء الذين نريدهم دوماً منحازين إلى الوطن وأمنه، متطلعين إلى سلمه وسلامه وعافيته وصحة أقدامه وأحلامه وأيامه ونقاء نسائمه، وبقاء معالمه وعلو شأنه ورفعة اسمه ونصوع وجهه بين العالمين· هؤلاء هم الأمنيات الغافيات في أذهاننا، الرابضات في نفوسنا، الراكزة في مشاعرنا·· هؤلاء هم كل الأمل وكل المقل وكل المطر وكل السَحَّر، وهم قدرنا وقدرتنا وعزيمتنا وإرادتنا التي نضعها على أكتافهم·