في اللغة، الطخمة سواد في مقدم الأنف· وطخم الرجل وطخُم تكبّر· ذكره ابن منظور وابن سيده· أما الضربة الطخماء، بما تنطوي عليه من أبعاد لغوية ونفسية وأدبية، فنعني بها تلك الضربة التي حاولت جماعة في مجلة ''شعر'' اللبنانية، في الأعوام الأولى من صدورها العام ،1957 توجيهها إلى الشعر العربي بجميع أنواره وظلماته، وجميع رموزه وأبعاده وروحه في الموسيقى واللغة والمعنى·· لصالح·· ماذا؟ أجابوا: لصالح قصيدة حديثة· وما هي القصيدة الحديثة؟ أجابوا: قصيدة النثر· وكيف يكون ذلك؟ أجابوا: هكذا·· وقدموا نماذج من أردأ ما كتب من النثر على الزمان· ولست أدري، على سبيل المثال، من هو الشاعر الدكتور إلياس عوض الذي أثبتت له المجلة في عددها العائد ''لصيف ـ خريف ''1964 مجموعة من القصائد، ليتناولها أنسي الحاج بالنقد تحت عنوان ''مأزق ما وراء اللغة''· ذلك أن الدكتور إلياس عوض اسم لم يسمع به أحد قبل ذاك العدد·· ولم يظهر ثانية لا في ''شعر'' ولا في سواها·· ونرجح أنه اسم تجريبي صنعه صانعوه، كما يصنع الملاكم شخصاً من قش أو خصماً من قش، لينهال عليه بعد ذلك ضرباً وتحطيماً·· وسواء كان ذلك الشخص حقيقياً أم افتراضياً، فهو في النتيجة يساوي قصائده المنشورة·· فما هي تلك القصائد، التي انهال عليها أنسي الحاج ليحطمها شر تحطيم؟ سنورد هنا نماذج قليلة، فهي تمثل المجموع· يقول في إحداها بعنوان ''مقامة العنعباد'': ''أتينا من حضرباز إلى مدينة الفراز حيث أبقانا المتلالل عند أبي التهوّف، فلبثنا منه مرة ومرة، وعفضنا عنه بين المجاحيم··· الخ''· وفي قصيدة ثانية بعنوان ''حديث مع أبي التهوّف''، يقول: ''···وما إلا ما وَتَرْنا في أماكن الحصّ والبصّ وأواطن السُلاس والعُصاص ووفرنا ألوامهم· قال العامد: ولم أين الوِطْرُ والفِطر، افتح الناب واقتطع باباً··· الخ''· حتى يقول: ''·· وما نحن في من نحن إلا وذو فَقْلٍ يشقع: ''اقذف الهم عن السرد وعلمه ابتساما ثم غط القدر في التبن ولا تنس الحسانا''· يقول أ· الحاج في نقده لهذا النص من القش الهش المضحك المصنّع، ضارباً اللغة العربية والبلاغة العربية والحضارة العربية، ضربة واحدة طخماء عمياء، وذلك بإسقاطها جميعاً ودونما تمييز، وقهراً على هذا الذي لا هو غناء غنائي ولا شخير ولا خطابة ولا كلام عادي: ''لغة الشعر العربية مظنونة ملأى، الحقيقة أنها ميتة''· يميّز العرب عادة بين الفلسفة والسفسطة·· أما أن تنصب السفسطة على أنها فلسفة ويتم تحطيم رأسها فهذه هي السفسطة بعينها·