في إسرائيل خلاف حاد بين حزبي العمل والليكود حول السياسات الاستراتيجية الخاطئة التي انتهجها ايهود أولمرت في حربه الأخيرة على لبنان، ما كبَّد إسرائيل خسائر فادحة هي أشبه بالهزيمة· ما نريد أن نستفيد منه هو أن هذه الدولة الدموية، التي لم تترك بشراً ولا حجراً ولا شجراً في فلسطين إلا واستباحته، ولكن عندما يأتي الخلاف في الداخل في البيت الإسرائيلي تجد هناك الخلاف مترفعا عن الانزلاق في تعريض مصير الشعب إلى خطر الجوع والموت، خلاف لا يتعدى عرض وجهات النظر وتوجيه اللائمة إلى المخطئ· بينما يعاني الشعب الفلسطيني من ويلات خلافات الأشقاء التي أسقطت الضحايا وأطاحت بالمقدرات وحولت جزءاً من التراب الفلسطيني إلى أرض محروقة بالجوع والمرض، فضغائن الأخوة تحولت إلى جحيم يومي يكبد الناس البسطاء خسائر لا تعد ولا تحصى، إضافة إلى ذلك فإن هذا التناحر الفلسطيني - الفلسطيني، قد وضع القضية الفلسطينية في مهب الاحتمالات التي لا تأتي والخيالات التي لا يمكن لها أن تطابق الواقع·· والمستفيد الوحيد في هذا الشقاق والاحتراق هو دولة إسرائيل، فقد نسي الفلسطينيون المقاومة والتفتوا إلى نحور بعضهم، وصارت القضية محصورة في من يركب الكرسي، ومن يملك القرار، بينما إسرائيل جلست تتفرج على هذه المسرحية التراجيدية بكل فخر واعتزاز، لأنها تجد أن هذا الصراع الداخلي الفلسطيني يقوم بدور أهم من قذائفها وصواريخها· فالفلسطينيون الآن يفكرون في من سيحكم قبضته على المعابر والتي هي رئة الجوعى والمرضى، والفلسطينيون أيضاً لايزالون يناقشون الشرعية واللاشرعية، والملايين من أبناء فلسطين يعانون من الاختناق بسبب السطوة الإسرائيلية التي فاقت كل الأساليب الوحشية التي تطبقها الأنظمة الاستعمارية· ما نتمناه أن يحيّد الفلسطينيون خلافاتهم، وأن ينّحوا هذا العبوس في وجوه بعضهم البعض، ونعتقد أن جل العقائد والمبادئ والنظم السياسية والاجتماعية جيء بها من أجل إسعاد الإنسان وتوفير لقمة العيش الهانئة له، وإذا عجزت هذه القيم عن توفير ما يحتاجه الإنسان فلا قيمة لها ولا حاجة للإنسان لهذه الدساتير المرصوصة في الكتب والمذكرات·· الشعب الفلسطيني يريد أن يعيش كغيره من سائر شعوب الدنيا، وإذا تمكن أي طرف فلسطيني من أن يقوم بهذا الدور فإنه الطرف الذي يستحق أن يحكم ويتربع على الكراسي·· وينبغي أن يفهم قادة فلسطين أن القيادة سيادة، والسيادة عبادة، ومن يقبل أن تنتهك سيادة بلده فلا يستحق أن يجلس على سدة الحكم، أياً كان هذا الطرف، دون التشدق بشعارات دينية أو ليبرالية، أو غيرها·· حرية الشعب الفلسطيني هي محور القضية ، ولقمة العيش الآمنة لب القضية ، وكرامة المرأة الفلسطينية التي تقف عند نقاط العبور لأيام وأسابيع تحت البرد وفي العراء هي فوق كل الاعتبارات·· والطفل الفلسطيني الذي لا يعرف من أين جاء وإلى أين هو ذاهب، لا يرى غير الفراغ·· هو الأهم·· والأهم من كل الشعارات·