أمس الأول كان اليوم الختامي لمؤتمر دبي للصحافة الأخلاقية، وجرى فيه إطلاق مبادرة الصحافة الأخلاقية، وقد أعلن ممثلو صحافة وإعلام 20 دولة مشاركة تأييدهم للمبادرة التي دعا اليها المؤتمر الذي نظمته جمعية الصحفيين بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحفيين· وفي خضم هذه الأجواء التي تحض على تعزيز القيم والمثل والأخلاقيات التي تقوم عليها مهنة جليلة سامية كالصحافة يطلق عليها السلطة الرابعة، ظهر علينا في إحدى الجلسات صحفي غربي يعرض للحضور كيفية اختراق المواقع الالكترونية التي تقوم بحجبها هذه الدولة أو تلك· أثار العرض من الجدل ما أثار، باعتباره يجيز الوصول الى المعلومة التي يحتاج إليها الصحفي بصورة شرعية أو غير شرعية، بل إن صاحب الفكرة برر فعلته بالقول إن الأمر لا يختلف عن استخدام أدوات مثل السكين أو المطرقة، حيث يمكن استخدامهما في إنجاز ما وجدتا لأجله، كما يمكن استخدامهما في الضرب وأحياناً في القتل· ولم يجد الرجل من يعارض طرحه والقوم منشغلون بالحديث عن أخلاقيات المهنة، وما يجب على العاملين فيها من اتباع قواعد أخلاقية للوصول الى المعلومة التي يحتاجون اليها· والوصول الى هذه المعلومة يختلف عن ولوج موقع قررت الدولة حجبه لاعتبارات رأت أنها تضر بسلامة المجتمع وبالذات النشء وغيرهم من شرائح المجتمع، وهذا الأمر يختلف اختلافاً جذرياً عما يعتبره صاحبنا وأمثاله من وصاية للدولة أو السلطة على هذه المعلومة أو تلك· ما يدعو اليه الرجل ذكرني بتصرف شخص محسوب على الصحافة، استغل استضافة مسؤول له في مكتبه بإحدى الوزارات الخدمية، وانتهز خروج المسؤول على عجل فأخذ ورقة من على المكتب كانت تحوي مشروع قانون لم يقر بعد، وصورها قبل عودة المسؤول ليقوم بنشرها في صحيفته من دون موافقة أو استئذان مضيفه· وعندما علم المسؤولون في الصحيفة بتصرف مندوبهم ما كان منهم إلا الاستغناء عنه، لأنه بكل بساطة سرق ما ليس له ومن غير حق، مهما كانت المبررات أو الحجج· إن الجهات التي تحجب هذا الموقع أو ذاك على الشبكة العنكبوتية تذيله بدعوة الراغب في الوصول اليه للاتصال بها كي تطلع على حاجته لتلك المعلومة للتواصل معه، كم من أمثال خبير اختراق المواقع استفاد من مثل هذه الدعوات وساعد تلك الجهات في التعرف على حقه في الوصول للمعلومة وحق هذه الجهات في حماية مجتمعاتها، بدلاً من الالتفاف على قراراتها والقيام بممارسات غير أخلاقية كتلك التي يدعونا اليها السيد الخبير غير العارف أو المطلع على خصوصيات مجتمعاتنا العربية· لا أحد وبالذات من العاملين في مجال الإعلام والصحافة يؤيد أو يشجع حجب المعلومات أو المواقع، إلا أن المسؤولية الاجتماعية التي تدعونا اليها قيم تربينا عليها وحتى مبادرة الصحافة الاخلاقية التي أقرها مؤتمر دبي تحثنا على احترام وتقدير ما يحرص عليه ويراه ولي الأمر من ضرورة حماية المجتمع ومن فيه من أضرار بعض المواقع من نوع ما يدعونا الخبير الهمام الى اختراقها·