عندما يحلّ فصل الصيف تنتشر الحرائق في المنازل والمحال التجارية والمؤسسات والشركات·· ويُقال لنا إن السبب هو ارتفاع درجة الحرارة، مما يؤدي إلى التماس الكهربائي·· وعندما يحلّ الشتاء وتزورنا بعض الأمطار خلسة وعلى مضض أيضاً تمارس الحرائق حقها في الانتشار في هشيم الأسلاك الكهربائية، مما يؤدي إلى خسائر في الأرواح وخسائر مادية·· ونسأل إذاً أين الخلل؟ هل هو يكمن في هذه الفصول التي لا تراعي ظروف الناس فتفتك بهم وبممتلكاتهم، أم أن الخلل هو نتيجة تلاعب وعشوائية وعدم أمانة في نفوس بعض المقاولين الذين ينتقون المواد ذات المنتج التايواني مراعاة لرخص الأسعار ويضعونها في بيوت المساكين الذين لا خبرة لهم بمثل هذه التكنولوجيا المعقدة ولا يعرفون عن منشأ أو مكان الصنع؟ فقط هم يشاهدون ويتابعون هذه الحبال المعدنية المعلقة على رؤوسهم ولا ينتبهون إلا عندما يصيح المنادي أن هناك ماساً كهربائياً في زاوية ما في بيت ما وعندها لا ينفع ولا يشفع الصراخ والعويل· في الفترة الأخيرة، باشرت الحرائق فعلها وبكل صرامة، وأشعلت النيران في كثير من المنازل خاصة في الإمارات ''الناشئة''، وصاحت أجهزة الإنذار وصافرات سيارات الإسعاف وتنادى الناس: هيا على الصلاح·· ولكن بعد ماذا·· بعد خسائر وفضائح تفصح عن لعبة الشيطان التي تمارس بحق الناس وبعد مبالغة في تبديد الحقوق والمكتسبات التي يعتني بها بعض المقاولين أيما عناية·· فلا مستشارون ولا مراقبون وقعت عيونهم على هذه الأسلاك المتراكمة كثعابين الموت تلتوي على الجدران وتغللها بأخطار وأهوال وكوارث تصل إلى فقدان أرواح بشر· نقول على من تقع هذه المسؤولية؟ بالتأكيد انها أول ما تقع فهي مسؤولية هذه الرخص التجارية التي تمنح لكل من أراد أن يصير تاجراً على حساب الناس وعلى حساب هذه الخسائر، مسؤولية هذه الرخص التجارية التي تقدم لكل من وضع نصب عينيه الربح السريع ولا شروط واجبة، تفحص وتمحص قدرة الأشخاص المادية والذهنية والسلوكية·· أعتقد أنه من الواجب أن يكون لحسن السيرة موقع مهم في الشروط التي ترصد لمنح الرخص؛ لأن العمل التجاري مهنة شرف ومهنة قيم إنسانية، قبل أن تكون حرفة تجارية، ومن لا تتوافر فيه شروط الالتزام بالقيم واحترام القوانين الإنسانية وأولها وآخرها وأوسطها وسيلة الحماية في تمديد الأسلاك الكهربائية وإجراء الفحوص العلمية على كيفية وصفها ومكان منشئها ومن يقوم بحياكة نسيجها في أعماق الجدران، فهناك من المقاولين من يعتمد أسلوب التسخير لأيدٍ عاملة رخيصة وعديمة الخبرة في هذه المهنة الشاقة والدقيقة والمعقدة، مما يجعل وضعها في حال الخطر الداهم والمباغت في أي وقت طارئ·· هناك من المقاولين من يستورد كل خرب وعطب من أقرب دكان وينفذ مشروعه الجهنمي دون وازع من ضمير أو رادع من قيم وينتهي كل شيء·· فلا أذن سمعت ولا عين رأت·· والله الحسيب·