في اللقاء الذي جمع بعض المختصين والمهتمين بقضية التوطين مع أعضاء اللجنة المؤقتة في المجلس الوطني لمناقشة الموضوع، طرح بعض الإخوة اقتراحات كمحاور رئيسية للمناقشة، وقد كانت تلك المحاور التي طرحتها وزارة العمل جديرة بأن نشير إليها اليوم ولو اختصاراً، لتكون محلاً للنقاش على المستوى العام، فقد جاء فيما يتعلق بغياب المساهمة الحقيقية للقطاع الخاص في تبني سياسات التوطين بأن هذا القطاع لا تتوافر لديه الرغبة الحقيقية في هذا الاتجاه، بسبب غياب الحافز والرادع القانوني، في ظل تراجع عام بدرجة الالتزام بمبدأ الأولوية في العمل للمواطن طبقاً للمواد القانونية رقم 9-19 من قانون العمل والتي تنص على أولوية المواطن في وظائف بلده، مع غياب الإرادة الفعلية لدى معظم مؤسسات القطاع الخاص في توظيف المواطنين· هذه واحدة من وجهات نظر عديدة مطروحة حول أسباب تراجع التوطين وعرقلته على المستوى العام وتحديداً فيما يتعلق بدور القطاع الخاص· وقد طرحت في المقابل آليات لمواجهة ذلك كإجراءات حل متمثلة في التطبيق الحرفي والحقيقي للمواد القانونية لضمان أولوية المواطن، ليصبح هو المستهدف الأساسي في عروض سوق العمل، ثم تأتي العمالة الأجنبية لاحقاً، دون أن نغفل أهمية نشر الوعي بذلك بين جميع شرائح المجتمع، مع ضرورة شرح هذه المواد القانونية للفعاليات الاقتصادية الوطنية والأجنبية لترسيخ هذه الرؤية الاستراتيجية للدولة وعدم التهاون بشأنها· هناك أيضاً مقترحات حول نشر ثقافة التوطين لمدراء شؤون الموظفين العاملين في الشركات الخاصة وتقديم حوافز ملموسة للشركات الملتزمة بسياسة الدولة فيما يخص التوطين· إن هذا النقاش الدائر دائماً حول دور القطاع الخاص لا يخلو حتماً من منطق ودقة في التشخيص والعلاج، لكنه في الوقت ذاته يحيلنا إلى تساؤل مشروع حول: أي القطاعين أولى بانتهاج سياسات وبرامج الدولة: القطاع العام أم القطاع الخاص؟ وهل انتهى القطاع العام من تقديم براءة ذمة خالصة بشأن تحقيقه نسب توطين كاملة·· بمعنى آخر هل حقق القطاع العام الحكومي منه والاتحادي نسب توطين 100% ليصار إلى نقد القطاع الخاص وتحميله عبء عرقلة التوطين؟ لا نبرئ القطاع الخاص قطعاً، فهو شريك فاعل واستراتيجي ومهم في تنفيذ برامج وخطط الحكومة، وعليه مسؤوليات كبيرة في هذا الخصوص، لكن هناك دائماً سلم أولويات، وفي التوطين يأتي القطاع العام كطرف أول، حيث شكلت وظائفه- ولا زالت تشكل- قدرة استيعابية هائلة لمؤهلات المواطنين، ومع ذلك فلا زال هذا القطاع يصر على خلط الأوراق وتجاوز استراتيجية الدولة، مفسحاً الطريق لغير المواطنين في شغل وظائف لا تعد ولا تحصى، كان بالإمكان أن تذهب بسهولة ويسر لأبناء الوطن ويتم استيعابهم فيها، كتلك الوظائف الإشرافية في جامعة الإمارات وسكنات الطلاب والطالبات مثلاً، ووظائف العلاقات العامة، ومدراء الموارد البشرية، وأقسام السكرتاريا، ومهندسي التقنية و····، حيث توفر جامعة الإمارات وكليات التقنية وغيرها من مؤسسات التعليم جموعاً لا حصر لها من الشباب والفتيات المختصين في مجال الإعلام وتقنية المعلومات وفنون الجرافيك ومجالات كثيرة تعتبر جامعاتنا رافداً قوياً من روافد توفيرها· كل هذا يحيلنا مجدداً إلى تلك الحقيقة التي ثبتها مستشار وزارة العمل خلال الاجتماع، حين أكد أنه ''لا توجد عقبات في توفر فرص العمل في الإمارات، لكن هناك عقبات في توظيف المواطنين ضمن فرص العمل المتوفرة في سوق العمل الإماراتي وتسهيل انخراطهم فيه''· ayya-222@hotmail.com