اهدئي قلتِ، قبل الولوج إلى لجة اليم·· اهدئي · سيأخذك الهوى إلى مسالكه الوعرة· ثمة عوسج وجمر· ثمة طرق لا نهايات لها· ثمة فرح يموت في النسيان· ثمة أنت جالسة على اللهب· سيحفرك الوهم دوما وتنشجين من قسوة الأزميل · سترن ضحكتك في الصدى· ويمحو السراب نقش الخطى· سينقشك الرذاذ في السهو ويصليك الظمأ· لست أول من يخرج ويضج به المتاه· كل خطوة ظننتها وشما سيسلو بها ويمحوها ليعيد النقش سيرته وترقدين أسيانة يداك فيض حنين وقلبك خفق وردة حين الغياب· لكنك أبحرت كالمأخوذ إلى خطورة العمق القصي، لا تدركين هل أضاءك أم أضأت من احتدام الحب في مسرى دمك، وهتفت لا من هدأة ولا من حذر: أحبك · كم احبك دون ميزان ولا اتزان ليحكم القياس ويزن الهتاف احبك كأنني لم أعرف الحب قبلك·· كأن حبك الغفران عن كل ضيم وظلم·· كأن حبك جائزتي الكبرى واستحقاقي الأروع· أحبك وارتعش نشوة وفرحاً كلما نطقت اسمك · كأن اسمك شمس تضيء عتمتي حين اشتداد الظلام · أحبك في حضورك وغيابك·· في صحوك ونومك·· في سهوك وانتباهك· أحبك·· وأسأل الزمن والصدف والقدر: ماذا كانت حياتي ستكون لو لم تأت · لو لم التقيك صدفة كأنها المعجزة· كنت سأمضي سادرة في حزني الخفي· أضحك وفي أعماقي حلم شفيف خفي ينتظر ·· وفي خيالي صورة لم تكتمل·· وفي توقي وعد بفرح لم يتجسد· أحبك فوق احتمالي وقدرتي كأن حبك يضخني كل يوم بقوة خارقة كي أكون كل هذه الصلابة والرقة، هذا الفرح والنشوة · احبك لأنك نقي كطفل، بسيط مثل كوكب ولد توا من سديم عليم كأنك القدرة التي تكشف وتستشرف·· لأنك واضح وخفي، غامض وشفيف، كأن كيانك سبك من فولاذ وحرير، من نسمة وعاصفة، من غضب ورحمة· احبك لأنك محيط كالمحيط، يكتنز الخطورة واللؤلؤ، العصف والهطول·الهدير والهمس·النشيج والنشيد· احبك لأني أعرفك وأجهلك· بما اعرفه اقترب منك، وما اجهله أجدف بزورق العشق كي أرسو مطمئنة إلى مرفئك· احبك ببصيرة مستنيرة وعقل يدرك الاحتمالات ويستبطن تحولات الكائن الإنساني· أحبك لأني أصغيتُ إلى نبض قلبك وهو مكتنز بحب يندر أن يكتنز به قلب مرت عليه تروس القسوة دون ان تجتث جذوره او تقلم أغصانه على الجهات، لتظلل العائلة الممتدة والعشيرة المتسعة· حب احتوى ما قبلي واحتواني وسوف يحتوي ما بعدي بذات الرحابة والعمق والتفاني، اعرف ذلك واعرف انني لكل هذا أحببتك· فلا تسألني بعد· فلا سؤال على جواب لم يستبقه السؤال!