غالباً ما نتصور السياسيين والمسؤولين الكبار أناساً غير بقية الناس، ونعتقد أنهم لا يتحدثون مثلنا وليس لديهم نفس الهموم وذات التطلعات فقط لأنهم مهمون ومتنفذون، كما أنه باستطاعتهم الوصول لما يريدونه بأقل كلفة وأكثر فائدة· نعتقد أنهم يحصلون على رواتب خيالية لا يصرفون منها شيئاً لأن كل احتياجاتهم تحضر إليهم مجاناً، يتحدثون بشكل مختلف ويرتكبون حماقات غير تلك التي نرتكبها· لكننا نتساءل هل يرتكب هؤلاء الناس مخالفات مرورية أو غير مرورية كما يفعل غيرهم من السياسيين والوزراء والموظفين الكبار في بقية دول العالم؟ إذن لماذا لا نسمع عن وزير حررت له مخالفة سير مثلاً؟ ألا يسرع الوزراء أبداً؟ هل هذا ممكن؟ أم أنهم لا يعاقبون فهل هذا جائز قانوناً؟ تأملت ذلك الوزير الياباني الذي انحنى معتذراً للرأي العام على الطريقة اليابانية أمام ممثلي الصحافة ووكالات الأنباء بعد انتشار خبر تسرب إشعاعات خطيرة من أحد المصانع، ومن ثم قدم استقالته آخذاً المسؤولية على عاتقه الشخصي لأن المصنع يقع في نطاق صلاحيات وزارته، يا ترى كم وزيراً اعتذر للرأي العام في بلاد العرب نتيجة أخطاء قاتلة حدثت في مناطق وأماكن عمل ضمن صلاحياته الوزارية؟ كم قطار ركاب انحرف عن مساره في بعض عالمنا العربي؟ وكم سفينة غرقت أو طائرة ركاب سقطت بسبب الإهمال؟ فلم نسمع عن مسؤول اعتذر ولا عن وزير استقال ولا حتى فراش أعفي من وظيفته؟ لماذا ياترى؟ في ألمانيا دخل مدير بلدية كبير السجن لاتهامه بالفساد، وقبل أن يصدر عليه الحكم شنق نفسه في الزنزانة خوفاً من الفضيحة، وهو ما فعله أحد كبار قادة الجيش في البحرية الأميركية بعد اكتشاف أمر أوسمته المزيفة التي بقي طويلاً يقدمها لقادته وزملائه متباهياً بأنه حصل عليها أثناء خدمته في فيتنام، لكنه حين اكتشف أمره أطلق على رأسه رصاصتين في منزله وغادر عالم الفضيحة إلى غير رجعة · حين تصبح المحاسبة أمراً واقعاً ومطبقاً على المسؤولين كما على الناس العاديين يصبح لزاماً على الوزير أن يتخلى عن سلطاته حين يخرق القوانين المتبعة في بلده، تماماً كما فعل وزير المواصلات الألماني مؤخراً حين اضطر للتخلي عن رخصة قيادته بسبب تجاوزه حد السرعة، حيث كان أوليفر فيتكيه وزير المواصلات في منطقة شمال الراين يقود سيارته بسرعة 109 كيلومترات في الساعة ما اضطره لأن يعلن خطأه علانية واعداً بأنه بعد انتهاء مدة توقيف رخصته سيتصرف بشكل يراعي القواعد وآداب الطريق· إن هؤلاء المسؤولين الأجانب أشخاص عاديون وليسوا من جنس الملائكة أو مثاليين فهم مسؤولون كبار ويرغبون في تجاوز العقوبة أيا كان مستواها إذا تمكنوا من التلاعب واستغلال نفوذهم، لكن مشكلة هؤلاء أنهم يعيشون في بلدان تحتكم للمؤسساتية والقانون، القانون هو الحاكم بأمره ولا يسمح لأحد بالعبث معه أو به أو فيه، وهو موجود لمصلحة جميع الناس· ayya-222@hotmail.com