لاحظت سلطات هونج كونج في إحدى السنوات تراجع أعداد السياح إليها، ورغم أن نسبة التراجع لم تكن تهدد صناعة السياحة في الجزيرة التي كانت مستعمرة بريطانية قبل أن تعود للسيادة الصينية وفق اتفاق نظامين في دولة واحدة، إلا أن السلطات طلبت وبصورة عاجلة من إحدى الشركات المتخصصة في أبحاث السوق ودراسات الجدوى بحث الأمر، فأظهر بحثها أن طريقة الاستغلال والابتزاز الذي يقوم به سائقو سيارات الأجرة في مقدمة أسباب عزوف السياح الذين استطلعت آراؤهم لزيارة هونج كونج مرة أخرى· وإثر ذلك قامت الهيئة المسؤولة عن السياحة بحملة واسعة لتغيير صورة سلبية أسهم في تكوينها سائقو سيارات الأجرة عن بلادهم، ممن أثمر عن عودة تدفق السياح بوتائر عالية للجزيرة التي لا تنام· فرنسا من ناحيتها رصدت في إحدى السنين تراجعاً مماثلاً في أعداد السياح القادمين إليها، مما استنفر الجهات المختصة عن السياحة لمتابعة الأمر، فاتضح لها من واقع دراسات علمية وميدانية أن الأسلوب المتعجرف الذي يتعامل به كثير من الفرنسيين مع السياح لعب دوراً في الأمر ، مما جعل القائمين على السياحة ينظمون أكبر حملة للعاملين في المجالات ذات الاتصال بالسياح ليكونوا أكثر لطفا ودماثة معهم، وجرى إبلاغهم بصريح العبارة بأن أي تراجع في أعداد السياح يعني أن كثيرين سينضمون لصفوف العاطلين عن العمل· وهكذا تجدد شريان الحركة السياحية في بلد ينازع إسبانيا على عرش السياحة العالمية ، إذ لا يقل عدد السياح الذين يزورون فرنسا أو إسبانيا عن 80مليون سائح سنوياً· أسوق هذين النموذجين للتدليل على الاهتمام الذي توليه السلطات السياحية المختصة في الخارج بالملاحظات أو المؤشرات عن السياح الذين يزورونهم من أجل تطوير أساليب خدمتهم وراحتهم حتى يعودوا لزيارتها مرات أُخر· مقابل طريقة التعامل مع السائح العربي في وطنه العربي، رغم الاجتماعات الدورية والتوصيات التي نسمع بها عقب أي اجتماع لوزراء السياحة العرب· في بعض الدول العربية وللأسف ذات الباع الكبير في المجال السياحي، يبلغ الجهل بالنظرة إلى السائح كما لو أنه مجبر على زيارتهم، وكما لو أن لا بدائل أمامه لزيارة بلدان أخرى، فتجده عرضة للابتزاز مجرد أن يطأ المطار ، وبعض الممارسات تريد أن تدفعه إلى '' إطعام الفم حتى تستحي العين''، أما في المرافق السياحية فبعض العاملين فيها يرون أن السائح مباح استغلاله إلى أقصى الحدود، لا تقدم له خدمة إلا بعد أن يدفع الثمن مضاعفاً، أساليب تدفعه في نهاية المطاف أن يقسم بأغلظ الأيمان ألا يكرر غلطة العمر، ويصدق شيئاً اسمه السياحة عند العرب· ويقرر أن يشترى راحته وسلامة أعصابه في الإجازة القادمة في بلاد مع أنها من الدول الثماني الكبرى في العالم، لكنها تقدر قيمة ما يمثله السائح في اقتصاد بلدانها· بعيداً عن أولئك الذين يرون ان السائح مجبر على زيارتهم لأنه يتيه حباً في التاريخ!!· التنسيق العربي الناجح والدائم الانتظام في اجتماعاته، هو مجلس وزراء الداخلية العرب، والتنسيق بينهم في أزهى صوره، ولا عزاء لنظرائهم السياحيين و''امسكوا الخشب''!!·