علاقة الطالب بمدير المدرسة أثناء الدراسة، بالتأكيد لا تشبه علاقته بمدرسه أو معلمه، لكنه فيما بعد، وحين يعرف الحياة العملية، ويكبره العمر، ويضفي عليه من حكمته، يرجع ويترحم على كل من أسدى له نصيحة، ويدعو لكل من عرّفه بدرب يسلكه، أو وجهه الوجهة الصحيحة، من معلمين أو مديرين أو رفاق العمل، تلك صفة الإنسان الشريف، وإحدى مزايا الإنسان النزيه· كان أول مدير مدرسة أعرفه مع بداية حمل الحقيبة المدرسية، هو الأستاذ زهير أبو الأديب، حين كان مديراً لمدرسة النهيانية القديمة والأولى التي كانت خلف الشارع العام، ومبنى بلدية العين القديم، ثم كان الأستاذ يوسف الأنصاري في مدرسة النهيانية الجديدة التي انتقلت إلى منطقة الكويتات، أما في مدرسة عمر بن الخطاب والتي كنا نداوم فيها فترة العصر، وبعد أن ينصرف طلاب مدرسة زايد الأول أو الزايدية منها، والتي تقع بالقرب من المقبرة ''قصيده''، فلا أذكر من كان مديرنا، بقدر ما أذكر بعض معلمينا فيها خاصة من البحرين مثل: الأستاذ ماجد وعلي غزال وخليفة العريفي والمالود وغيرهم· وحين انتقلت إلى أبوظبي في مدرسة الثقافة، أو مدرسة الأولاد والتي كان موقعها في معسكر آل نهيان، كان مديرنا الإنجليزي ''الميجر مكادونالد'' ثم جاء بعده مواطنه ''الميجور إدوارد'' ثم صار مدير المدرسة الأردني الأستاذ خليل خريسات، ثم جاء الأستاذ سعيد عبدالله ناصر الجنيبي، وفي أواخر المرحلة الإعدادية كان مديرنا الأردني الأستاذ عبد اللطيف التوم، وفي المرحلة الثانوية، كان الأستاذ أحمد الحوسني، والأستاذ فاضل الشامسي· وبقدر ما يمر على الطالب مديرون، يبقى حبه للمعلم والأستاذ أكبر، لتعامله اليومي معه، أما المدير فله هيبته، ولا نلتقي به إلا في التفتيشات المفاجئة، أو حين يتطلب العمل الإداري أمراً، أو حين تنخفض علاماتنا أو حين يحضر أحد شاكياً منا، أو حين نتلقى ضربات من عصاته صباحاً في الطابور نتيجة الهروب المسائي للسينما· كثير من المعلمين حين تحولوا إلى مديرين، فقدنا روح الاتصال بهم، غير أن بعضهم ظل يحن لفرح المدرس، وطيبة المعلم، وعتبه الدائم، والمخلوط بالفخر والقسوة على طلبته· من بين هؤلاء المدرسين المديرين ممن أثروا فيّ كثيراً، وحموا مستقبلي التعليمي، وحفزوني على تجاوز عثراتي في المواد الثقيلة على نفسي، والتحليق بالمواد التي أحبها وأعشقها، وكأنها شربة ماء بارد في حرقة الصيف، الأستاذ خليل خريسات مديرنا في الصفوف الابتدائية المتأخرة، فقد وقف مرة وهو المدير، بحس المربي، وروح المعلم أمام القوانين الإدارية، وراهن على طالب شبه نجيب، لكنه يعرج دائماً من الحساب رغم تفوقه، وغالباً ما يسلمه كأس الطالب المثالي، لاعتنائه الكبير بجريدة الحائط التي يحررها، ويخطها بقلمه الملون، وينقشها بخطه الأنيق، والذي كان يشارك في المناسبات الرياضية المختلفة، والاحتفالات بعيد الجلوس، ويتصدى لكل المناسبات التي تمر في العام الدراسي، غزوة بدر، العام الهجري، ذكرى الإسراء والمعراج، ليلقي كلمته المنتقاة، والمتعوب عليها بانتقاء الكلمات، والاستشهاد بالآيات والأحاديث الشريفة، وحكم المشاهير، ومشكلة لغوياً، ومنقطة، بحيث تظهر مخارج الحروف واضحة بصوته المخاتل في الإذاعة المدرسية·· وغداً نكمل