مرة·· في أول الستين كنا لا نعرف بلداً قاب قوسين أو أبعد من العين لا نعرف بحراً، ولا سفراً، ولا ركوب السفين جاءنا من الساحل البعيد رجل مسكين قال لنا: أن لديهم زرعاً ونخلاً وعنباً وطلع تين وأنهم هناك يعرفون البحر، ويعشقون السفر، ويركبون السفين لكنه هنا·· هارب بكفنه، ساعياً لرزقه، آتياً كالزبين قلنا له: أننا هنا أهل، أبوابنا مشرّعة، وقلوبنا بيضاء، واللقمة نقسمها على اثنين اشتغل بتحدير النخل، وصنع السعف، وجلب الماء، وبناء بيوت الطين ثم باع واشترى، سافر ورجع، واعتزل ببيت جديد، أمين اتخذ غرفاً فوقها غرف، وصادق نصارى الجيش، وما عاد ذاك المسكين كانت جيوبه عامرة، ودكاكينه فيها أوراق وأحمال وأرزاق كان يبيع القهوة والسكر والرز وأكياس الطحين ومرة·· في الليل، والوجوه أشباح زرقاء، عاجله نصل سكين مات ''المسكين'' بين النخل وبيوت الطين ؟؟؟ - لما كانت تلك البيوت على بساطة بنائها تختزن الدفء والعافية ورائحة الناس، واليوم صارت جدران بيوتنا ملساء، بلا فرح حاضر، وإن غاب عنها صوت الأب، وتبعته الأم حاملة عطرها وطيبها، أصبحت تضيق علينا أو غدت كغرف الفنادق التي سنغادرها قريباً لا محالة، ونّ شاعر يوماً وقال: يطري عليّه الوقت لي ســــــــــــــــــــار وأذكر فريجن حوله بيـــــــــــــــــــوت برد الشتاء وزخّ أمطـــــــــــــــــــــــــــــــار ومتدفين بلبس البشـــــــــــــــــــــــــــــوت شُوفْ الدلال وضَوّ وكـّـــــــــــــــــوار وشيبه رضف بشالن وكــــــــوت غوري زعتر حُوله النـــــــــــــــــــــــــــــار عن البرودة دوم منعـــــــــــــــــــــــــــوت حُوله يمع إكبار وصغـــــــــــــــــــــــــــار يتسمعون القول وسكـــــــــــــــــــــــوت يحكي لهم يوم كان بحّـــــــــــــــــــــار ويوم بندروا من صوب غنتـــوت واليوم هــــــذا الوقــــــــــــــت لي دار وقت ''الرسيفر'' وقت ''ريمـــــوت'' وش بَعْدّ يارن عن اليــــــــــــــــــــــــــــار لأول عليه يرد بالصـــــــــــــــــــــــــــــوت يزقر عليه من صوب ليــــــــــــــــــدار يا ما حلاها ذيك لبيــــــــــــــــــــــــــــوت