ليس لدينا أي شك في أن هناك في هذا الوطن من هو حريص جداً على قضية التوطين، وعلى أن يحصل المواطن الإماراتي على حقه الكامل في وظائف بلده كحق طبيعي ومنطقي ودستوري كفله الدستور بشكل لا غموض فيه، وقد بذلت جهود ومازالت لبحث الملف الذي صار شائكاً ومعقداً بطريقة تستدعي التوقف والتساؤل والشك أيضاً، لأنه من المفترض ألا تكون لدينا في الإمارات مشكلة بطالة ونحن الذين نوفر الوظائف لشعوب الأرض كلها، ومن المفروض ألا ننفق كل هذا الجهد والوقت وطبعاً المال على مسألة بديهية جداً، مع ذلك فنحن لدينا بطالة بين مواطنين حاصلين على تعليم عال وننفق وقتنا في المناقشة والبحث عن حل لعقدة نحن من عقدها ثم لشدة ما كانت القعدة قوية لم نعد قادرين على تفكيكها·· واذن فكيف الخلاص؟ اللجنة المؤقتة بالمجلس الوطني لدراسة موضوع التوطين اجتمعت أكثر من مرة، كان لي فرصة المشاركة في أحد هذه الاجتماعات، التي رشح عنها مجموعة من التوصيات توصلت إليها اللجنة من خلال الاستماع لمجموعة من المختصين والمهتمين وأصحاب التجارب الوطنية الرائدة في مجال التوطين والتي سترفع قريباً للمجلس الوطني، ولعل الهيئة المركزية للتوطين تكون أبرز تلك التوصيات· ففي مجال حساس وشديد التعقيد بسبب مكونه البشري المتعدد لا يمكن الاعتماد على معلومات متباينة، وحل قضية وطنية مهمة وذات انعكاسات خطيرة على مجمل النسيج الداخلي كقضية التوطين لا يمكن التقدم فيها للأمام بدون قاعدة بيانات صلبة وصحيحة ويتم تحديثها باستمرار وفق أسس علمية، لأن التخطيط للموارد البشرية ليس كالتخطيط لأي شيء آخر، إنه يحتاج لأرقام صحيحة أولاً ولبيانات تفصيلية كثيرة يحتاجها سوق العمل وعارضو الوظائف، كما أن الإعلام الذي يتبنى قضايا المواطن حرصاً على الوطن يحتاج أرقاماً ثابتة وصحيحة وغير مضللة، بخلاف الأرقام التي تنشر في الصحف بين الفترة والأخرى ودائماً ما تكون متباينة ولا تؤسس لخطط ومعالجات صحيحة بطبيعة الحال· قضية التوطين تشبه الغابة الكبيرة، ومن الخطأ إغفال الغابة والتحديق في إحدى الأشجار فقط، إن هناك في مؤسسات التوطين من حول التوطين إلى بيزنس، يتربح من ورائه، لا نقل الجميع لكن البعض فعل ذلك فصرف القضية عن مسارها واهتم بالشجرة ونسي الغابة، ولم تكن المتابعة صارمة كما ينبغي لمشروع وطني بهذه الخطورة، إضافة لعدم تمكن هيئة تنمية من أن تكون مستقلة بقرارها ومواردها وغير تابعة لمؤسسة أخرى أثر بطبيعة الحال في طي تحقيق المنجز المأمول منها على صعيد وضع آليات مواجهة المشكلة وحلها بشكل صحيح· في موضوع التوطين علينا أن نقر بأن الموضوع أكبر من النظر إليه بتهاون أو وضعه بين أيدٍ غير مواطنة لأسباب منطقية بحتة تتعلق بمبدأ تضارب المصالح، وعليه فالموضوعية وتوفير مظلة الأمان للمشروع والعمل عليه بشكل دائم وحثيث ومستمر تقتضي إما إلحاقه بمجلس الوزراء مباشرة وإما منح الجهة المخولة بملاحقة وضبط موضوع العمل استقلالية كاملة تراقبها سلطة مجلس الوزراء مباشرة· أما البقاء على وضعية الحركة العرجاء الحاصلة اليوم وهذه الاجتهادات وتباين المعلومات والأرقام فليست سوى دليل على خلل في آلية التصحيح وهنا نذكر بالقول المعروف: ''لا يستقيم الظل والعود أعوج''· ayya-222@hotmail.com