أجد في توصية سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي لمجلس أبوظبي للتعليم بشأن إعادة أبناء الوافدين الى المدارس الحكومية الصباحية خطوة رائدة وحضارية، تعيد الأمور إلى نصابها وتضع حلاً متحضراً لهؤلاء الطلاب الذين أبعدوا الى المدارس المسائية تحت مبررات مختلفة وبحجة تحقيق خطط ثبت فشلها بدليل التراجع عن القرار، وما نفذه مجلس أبوظبي نتمنى أن يتم تعميمه ليشمل جميع امارات الدولة، فدمج أبناء الوافدين مع اخوانهم المواطنين في مدارس واحدة سيحقق نتائج جيدة حرمت منها المسيرة التعليمية زمنا طويلا· لقد تعلم جيل كامل من أبناء الامارات في مدارس مع إخوانهم الوافدين، واعتبرت تلك الفترة من فترات التعليم الذهبية فعلا، فقد كانت النتائج أكثر من ممتازة وكان الطلبة المواطنون يحققون نتائج متفوقة في مراحل التعليم المختلفة، ولم تسجل لهذه التجربة أية آثار عكسية أو سلبية، وعندما جاء من يحمل أفكاراً تجريبية في مجال التعليم، خضعت هذه التجربة للإلغاء الكامل وليس للمراجعة أو التقييم، وأحيل الطلبة الوافدون للمدارس المسائية، ولم تحقق التجربة فيما بعد أية تقدم يذكر، لكننا مع ذلك مصرون على اخضاع التعليم عندنا لكل النظريات وكأنه حقل التجارب الأكثر خصوبة ابتداء من مرحلة الرياض وحتى التعليم الجامعي· إن ما لا يقل عن 8 آلاف طالب وافد مع أسرهم بطبيعة الحال سيستفيدون من هذا القرار في أبوظبي وحدها، وفي حال نهجت بقية المناطق نهج مجلس أبوظبي للتعليم فان اعداداً مضاعفة ستستفيد من تعديل وضع كان مقلوبا لفترة طويلة، لقد نادى الكثيرون بضرورة مراجعة القرار الذي كان خاطئاً بكل المقاييس إلا أن أحداً لم يفكر في مراجعتة أو العودة عنه، ودفع الطلاب الثمن، كما انعكس ذلك على ذهنية النظرة للآخر لدى أبنائنا الطلاب المواطنين وبشكل صار واضحاً تماماً، حيث يشكل الدمج الاجتماعي بين شرائح المجتمع بعداً مهماً وضرورياً في نظرة الفرد للآخر خاصة في مراحل التعليم والتكوين إن صح التعبير· إن مجتمع الامارات مجتمع تأسس على وجود الآخرين، باعتبارهم إخوة وأشقاء، ومعاونين لأهل الدار في بناء مشروعهم التنموي الذي ما كان له أن يتحقق لولا هذا المزيج الكبير من الوافدين، ومع اعتراضنا الشديد على وجود من لا ضرورة لهم، وعلى فيضان وجودهم لأغراض لا تمت للتنمية والفائدة، إلا أننا هنا بصدد مسألة مغايرة تماما تختص بتنشئة جيل من أبناء الامارات فيما يشبه العزلة التعليمية عن بقية زملائهم وأصدقائهم الذين ربما يكونون جيرانهم في الحي أو في البناية أو زملائهم في النادي، وعليه فنحن من حيث لا ندري زرعنا في دواخلهم ذلك التوجه بالفوقية والعزلة وعدم الرغبة في التواصل مع الآخر غير المواطن· التعليم ليس حسابات ربح وخسارة في إدارة المالية والحسابات في وزارة التربية والتعليم أو في المجالس التعليمية، هناك ما هو أهم وأكبر تأثيراً من هذه الحيثية الضيقة، وتكييف موضوع مهم كالتعليم وتضييق آفاقه وتأثيراته وانعكاساته الكبيرة على الطلاب والنظر إليهم على أنهم مجرد أرقام نحسب كلفتها المادية فقط أمر لا يشير الى سعة أفق لدى صانع قرار التعليم على الاطلاق، لأن لذلك القرار بالفصل والعزل كلفة اجتماعية وثقافية ونفسية كبيرة انعكست على الطرفين، أبناء الامارات وأبناء الاخوة الوافدين، دون أن ننسى تأثيره على جبهة التنافس ومعدلات النجاح ومستويات الطلاب· مجلس أبوظبي للتعليم قرارك خطوة رائعة للأمام· ayya-222@hotmail.com