الاستفزازات من الجارة إيران لا تصلنا عبر ''لنجات'' من خشب، حينما كان الناس في الزمان الأبيض يسافرون تجاراً وطلباً لرزق أو طبابة إلى شيراز وطهران وبندر عباس، وكان جيران الساحل الشمالي يأتوننا تجاراً أو طلباً للرزق والعمل، استفزازاتهم اليوم تأتينا عبر الأثير، وقبل أن يسمع بها حتى الشعب الإيراني المطوق بأسوار من ''البروباغاندا'' السياسية، والمغيب بالأقوال الثورجية الاجتماعية، وهي استفزازات مثل الألعاب النارية تأتي في مناسبات مختارة كعيد النيروز، والتذكير بأمجاد الفرس الغائبة، ونيراهم المنطفئة من ذاك الزمن البعيد أو في عيد قيام الثورة الخمينية التي بغيت تثوير الناس، وتصدير الثورة لهم إلى بلادهم أينما كانوا، أو أثناء حمى الانتخابات الداخلية، وبغية دغدغة عواطف الناخب غير المبالي، والشارع المحتقن بالحراك الاجتماعي والضغوطات الاقتصادية· الجارة إيران لا نستبعد أن ترسل من الدهماء والغوغاء، و''هتّيفة'' الحزب، وأيتام الحرس الثوري كي يصطفوا أمام سفارتنا في طهران، وأثناء احتفالها بالعيد الوطني للإمارات، ويهتفوا في مظاهرتهم المصطنعة والمسيسة ضد الإمارات ومطالبتها بحقها في جزرها المحتلة أو يختلقوا سبباً لمزيد من الضجيج والشوشرة والمتاجرة بالدجل السياسي أن الإمارات تضطهد زوارها الإيرانيين، وتخضعهم لتفتيشات وحجوزات في مطاراتها المتقدمة والتي تضاهي مطارات أوروبا وأمريكا خدمة وترحيباً بالضيوف واحترام إنسانيتهم، وأن مطارات الدولة تختلف كلياً شكلاً ومضموناً ومعاملة عن مطارات إيران· إيران تستفز الذي تقدر عليه والذي لا تقدر عليه، هكذا في الظاهر، إنما تحت طاولة الدبلوماسية الكثير، وما في جراب الحاوي الكثير، فهي قد تحرق العلم الأمريكي، وتنادي برجم الشيطان الأكبر، لكنها هي ساكنة غير بعيداً عنه، فهي تجاور العراق جوار القربى، لكنها تريد أن تدخل أراضيه ليكون جاراً بالجنب حتى تمتد إليه وتكون أقرب لحبل الوريد، تحرق إيران الآيات الشيطانية، وتفتي بقتل المرتد رشدي، تعادي الشيطان الأصغر والأكبر، لكن جسوراً ممتدة قد تصل بالمريدين إلى وكر الشيطان، تعادي أوروبا، ولا ملجأ أخير لإيران إلا أوروبا، تخاصم المنظمات الدولية، وتحجب عن المنظمات الإنسانية ما يجري لمواطنيها من انتهاكات لمطالب الحرية والحقوق الإنسانية، تتحدث عن إسرائيل، وعن حصارها اقتصادياً، وعن استهدافها بأجنحتها العسكرية، وهناك رحلات مكوكية سرية بينهما· إيران مستعدة أن تعادي العالم، وتغلظ في القول، لأنها تصك آذانها وآذان شعبها عن كل ما يقال عنها، وما يتخذ حيالها من إجراءات اقتصادية، ومحاولة عزلها عن الأسرة الدولية، مستعدة أن تتهجم بالقول على زعماء العالم لأنهم غير ''معصومين'' ويريدون بإيران السوء، إيران تبادر بالعداء من يفكر أن يصادقها، وتجهر بالعداء لكل من يخالفها· إيران تريد من الإمارات، ومن بقية الجيران المحيطين بها أن تطبق قول المتنبي معدلاً: ومن نكد الدنيا على المرء أن يرى جاراً ما من عداوته بــــد!