الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إلياس الرحباني: أهديتُ الرئيس الفرنسي ألبوماتي·· فنسيها في المطار

إلياس الرحباني: أهديتُ الرئيس الفرنسي ألبوماتي·· فنسيها في المطار
23 يناير 2009 23:14
إلياس الرحباني، الفنان اللبناني المخضرم والشامل، والشقيق الأصغر للراحليْن عاصي ومنصور، شاء بعد التلحين والتأليف الموسيقي والمسرحي وكتابة الأغاني؛ أن يغنّي بالفرنسية والعربية مجموعة أغانٍ نظمها في ألبوم لم يحسم بعد أيّ شركة ستنتجه· في هذا الحوار، تحدّثنا مع الرحباني عن ''الفرنكوفونيّة'' التي أحبّها وخذلته، والوطن الذي تغنّى به فصدمه، وعن شركة الإنتاج السعودية التي تُماطله منذ زمن وهو يعتبرها تُخرّب عقول العرب وأذواقهم! ؟ من اللافت أن يحمل ألبوم أغنيات عربية وفرنسية في آن، فما الهدف من ذلك؟ -؟؟ يتضمّن الألبوم عشر أغانٍ، منها فرنسية مترجمة إلى اللهجة اللبنانية باللحن نفسه، وقد كتبت الكلمات مستنداً إلى صور من الماضي متراكمة في ذهني منذ أيّام الطفولة والمراهقة· ؟ لكن، لماذا اللغة الفرنسية؟ ؟؟ بدأت حياتي الفنيّة متأثّراً بالأغاني الفرنسية، فصرت أؤلّف الكثير- لحناً وكلمات- وأسجّلها وألقى الترحيب الكبير· مرحلة الستينيّات في لبنان، كانت مطبوعة بالاتجاه إلى الفرنكوفونية الغنائية، فمشيت في هذه الموجة طويلاً، قبل أن أنتقل إلى الخط اللبناني· ؟ هل يمكن اعتبارك فناناً فرنكوفونياً بالتأليف والهوى؟ ؟؟ بصراحة، أعشق اللغة الفرنسية وكلّ الثقافة الفرنكوفونية ولكنّي أكره الفرنسيين بمساوئهم وغبائهم! هذا الشعب كان يملك أعرق حضارة أوروبية، تزخر بالنتاج الأدبي والشعري والتشكيلي والمسرحي والموسيقي، لكن الجيل الجديد في فرنسا نبذ ثقافته واتّجه إلى كلّ ما هو أميركي· والزعماء بدورهم تراخوا في الحفاظ على إرث اللغة والثقافة، فغزت الأنغلوساكسونية كل العالم، بما في ذلك فرنسا، وأبادت الفرنكوفونية· ؟ أذكر أنّك نظمت نشيداً خاصاً للفرنكوفونية يوم انعقاد مؤتمرها في لبنان قبل سنين؟ ؟؟ في هذه الفترة، بدأت أشعر بأني لم أُقدّر كفنّان لطالما كان وفيّاً للفرنكوفونية، وعندما وصل الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك إلى بيروت لترؤّس القمة الفرنكوفونية، عرّفنا عليه الرئيس الراحل رفيق الحريري في حفل عشاء، فقلت له إنّ الشعب الفرنسي لا يعرف معاني الفرنكوفونية لأنه حيثما تسود الموسيقى تسود أيضاً السياسة! ؟ ما قصدك بهذا الكلام؟ ؟؟ الرئيس شيراك طرح عليّ السؤال نفسه، فشرحت له أنّ أميركا غزت العالم بالموسيقى، وجعلتها تنتشر في كافة البلدان، من الأفقر إلى الأغنى، بما فيها بلدان الاتحاد السوفياتي، فلم تكن بحاجة إلى السلاح لتصبح الإنكليزية هي اللغة العالمية السائدة· أمّا فرنسا، فلم تعرف كيف تحافظ على إرثها على الأقل، فصارت أميركا هي الغالبة في عرين الأراضي الفرنسية، في المدارس والموسيقى والذهنيّة ولباس الجينز والتهام الهمبرغر والمشروبات الغازية وسواها· ؟ كم يبلغ عدد الأغاني التي نظمتها بالفرنسية حتى اليوم؟ ؟؟ ثمّة شركة موسيقية أجرت إحصاءً في فرنسا، فتبيّن منها أني أكثر فنان غير فرنسي يملك أغاني فرنسية في العالم، إذ بلغ عددها 120 أغنية! وقد أعطيت الوفد الفرنسي المرافق لشيراك، وعلى مرأى من الرئيس الحريري، طرداً يحتوي على نسخ من ألبوماتي بالفرنسية، فنسيوها في المطار، ما يعني أنهم غير مهتمّين! ؟ هل كان هذا النتاج يدرّ عليك ربحاً وفيراً؟ ؟؟ بما أنّ نتاجي مسجّل في جمعية الحفاظ على حقوق الموسيقيّين سءح ومقرّها باريس، كان من الطبيعي أن تصلني إيرادات الألبومات التي تبثّها الإذاعات في دول أوروبا تحديداً· أغنياتي سُجّلت بصوتي وبأصوات مغنّين لبنانيّين كانوا من اكتشافي وتدريبي، مثل طوني فاليير ومانويلو طوني كلاودي وإيدي كيف وسواهم· ؟ ماذا عن حماية حقوق المؤلّفين الموسيقيين في لبنان والعالم العربي؟ ؟؟ في لبنان ثمّة فرع ناشط لجمعيّة SACEM ولكنه توقّف لفترة بسبب الأحداث المتكرّرة، ثم عاد اليوم إلى مزاولة نشاطه، لكنّ الإذاعات الكثيرة لا تلتزم دائماً بتقديم سجلاتها إلى رئيس الجمعية كي يُصار إلى جدولة إيرادات شفّافة· في مصر مثلاً، تهتمّ نقابة الموسيقيين والملحّنين بهذا الشأن ضمن الأراضي المصرية· أمّا في بقية الدول العربية، فلم يصلني إيرادٌ واحد من أي إذاعة؛ مع العلم أنّ نتاجي اللبناني يبثّ عبر الإذاعات والمحطات· ؟ لكنك رحبانيّ الجذور والنتاج، فكيف تُقصّر الدول العربية في حقّك فنياً؟ -؟؟ ثمّة شركات إنتاج سعودية ضخمة تخرّب عقول 300 مليون عربي من خلال كمّ هائل من الألبومات التافهة، وتدّعي بأنها أعظم صرح فنّي يدعم المغنين من كافة الجنسيات العربية· وعندما نسمع بأن هذه الشركة تخسر كلّ عام مليار دولار أو أكثر من دون أن يهزّ لها جفن؛ نتساءل: لماذا لا يتمّ استثمار هذا المبلغ في الإنفاق على فنّ راقٍ يُهذّب الذوق ويترك بصمة للمستقبل· ؟ هل جرّبت حظك مع تلك الشركة التي تتحفّظ عن ذكر اسمها؟ -؟؟ ليس من الضروري أن أذكر اسمها لأن الجميع يعرف عمّن أتكلّم! في الواقع، لا أخفي عليك بأنّ القائمين عليها طرقوا بابي مراراً لإنتاج ألبوماتي، ووقّعنا عشرات العقود، وكانت كلّها كذب ومماطلة لأنّهم تركوا بنداً مُعلّقاً قابلاً للتفاوض على أساس أن نعود إليه لاحقاً، فنام العقد في درج الشركة ثلاث سنوات، ثمّ تذكّروه وبدأنا من جديد، وتكرّرت القصّة ذاتها حتى طفح بي الكيل، وفهمت بأنّ هذه الشركة ليست في حاجة إلى إلياس الرحباني! ؟ هل لديك ألبومات جاهزة؟ -؟؟ أقوم بكتابة الأغنية وتلحينها وتسجيلها في الاستوديو المتطوّر الذي أملكه، وثمّة أربعة ألبومات تنتظر الإنتاج، أحدها يتضمّن معزوفات كلاسيكية، وآخر يحمل أغنيات قديمة سجّلتها بصوتي، وألبوم جديد بعنوان ''بونجور كوليت'' بالفرنسية واللبناني (يعني: صباح الخير يا كوليت)· ؟ هل هذا عصارة ذكرياتك الرومانسيّة؟ ؟؟ لست أدري لماذا تقفز بعض صور الصبا إلى بالي اليوم، وكأنّها حصلت البارحة! إحدى أغاني الألبوم تتحدّث عن بلدة ''بكفيا'' التي كنّا نصطاف فيها أيّام المراهقة، حيث كانت بداياتنا في التعرّف إلى بنات الحي· ؟ ألا يثير عنوان الألبوم ''بونجور كوليت'' غيرة زوجتك؟ - (يضحك): كوليت اسم وهمي، كذلك أسماء الفتيات الواردة في الأغاني الأخرى· زوجتي ''نينا'' لن تغار لأني خصصتها بأعظم وأصدق جملة، قلت فيها: ''عمر الشباب يدوم مدى الحياة، معك أنتِ يا نينا''· ؟ يُقال إن سنّ الشيخوخة تبدأ عندما يعيش الإنسان في ذكريات الماضي، ما ردّك؟ - ؟؟ لقد تطرّقت في الأغاني إلى مواضيع لم يُعالجها أي شاعر غنائي في العالم، وهو أنّ الرجل عموماً والفنان تحديداً مهما تقدّم به العمر؛ يبقى شاباً في قلبه الذي يدقّ سريعاً إذا ما صادف وجهاً أنثوياً جميلاً· إنه الحب العذري الذي ينبض وكأنه في مرحلة المراهقة· في أغنية ''بونجور كوليت'' مثلاً، نظمت كلمات كوميدية على درامية في آن؛ تصف حالة رجل في الستين أو في السبعين يُخاطب صبية أعجبته، فيقول لها إنّه مستعدّ لأن يركب الدرّاجة الهوائية، ويصوم عن الأكل شهراً كاملاً لإنقاص وزنه، ليفوز بنظرة منها فقط! ؟ هل هذا هو لسان حالك اليوم؟ - أ؟؟ نا رومانسي وحسّاس في طبعي، وذكريات الحب القديم لا تفارق ذهني لأنّي أعيش فيها، وأحاول بصراحة تجديدها اليوم ضمن الحدود طبعاً! (يضحك قبل أن يُتابع): لكنّي، في هذه الفترة تحديداً، أشعر بالقرف ممّا يجري، وأحمل همّاً كبيراً هو الوطن· نحن الرحابنة تعبنا على مفهوم الوطنيّات في شتى مسرحياتنا وأعمالنا الغنائية، فتغنّينا بالأرض والحرية والعزّ والكرامة، وجعلنا لبنان في السماء! لكن أين هي هذه المعاني اليوم؟ لا أجدها في لبنان ولا في الدول العربية، حيث يموت الأبرياء والأطفال في العراق وغزّة تحديداً، وما من ضمير عربي ينتفض
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©