عندما حدثت واقعة سرقة أحد متاجر المجوهرات الراقية في أحد المراكز التجارية الكبيرة، ألقي باللائمة جزئياً على عناصر الحماية التابعة لإحدى الشركات الأمنية الخاصة، والجزء الآخر من المسؤولية ألقي على الإهمال والتقصير وعدم قناعة أصحاب ومديري تلك المراكز بأهمية وجود الشرطة النظامية في مثل هذه الأمكنة· والملاحظ في المراكز التجارية كثرة تغير وجوه هذه العناصر التي يطلق عليها عناصر الحراسة، وأنها كثيراً ما تتسول من الضيوف أو المترددين على تلك المباني لقاء تسهيل الحصول على موقف سيارة أو خدمة أو مساعدة، لتحسين أوضاعهم المعيشية، والتكسب بطرق غير مشروعة، مثل هؤلاء لو عرض على أحدهم مبلغ 50 ألف درهم، نظير وضع كيس صغير في صناديق الزبالة الموجودة في المراكز التجارية، وتركه فقط هناك، كم واحد منهم سيفعلها غير مقدر النتائج؟ إن شكوى هؤلاء الحراس دائمة لأنهم سئموا من هذا العمل المجهد على مدار 12 ساعة يومياً، مقابل فقط ألف درهم راتباً شهرياً! وأنهم سيعودون إلى بلادهم'' سيرلانكا أو النيبال'' فذلك أفضل بكثير من ظروفهم الصعبة لدى شركاتهم التي لا تحميهم من حوائج الحياة ولا تساعدهم عليها! والملاحظ أيضاً أن معظم هؤلاء الحراس الأمنيين هزيلو الجسد، نحيفو البدن، غير مدربين لاعسكرياً، ولا أمنياً، فقط مدربين على ارتداء ''يوني فورم'' وبالكاد يجيد الحديث بإنجليزية محطمة! كما يلاحظ انتشار شركات الحراسات الأمنية ''هزيلة الإمكانات'' بشكل مبالغ فيه لدرجة أن اعتماد هذه الشركات على هذه النوعية من ''الضعفاء'' الذين يعيشون ظروفاً صعبة، ولا يتغذون بشكل جيد وصحي، ولا يمارسون أياً من أنواع الرياضة، غير رياضة المراقبة الفاترة، قد يجعلهم عبئاً على تلك الشركات، وعلى المؤسسات، والمباني، والمكاتب التي يحرسونها، بل قد يتحول قسم منهم إلى عبء على المجتمع كله، بحيث يتوقع إقدام قسم من هؤلاء على الإخلال بالأمن الاجتماعي والاقتصادي تحت ضغط الحاجة والظروف الصعبة التي يعيشونها، ولا نبالغ إذا ما قلنا إن قسماً من هؤلاء قد يكون من أصحاب السوابق في بلدانهم، وتم تصديره إلينا بفعل النقص في المعلومات أو الجهل والتجاهل باعتبارهم ''برولتياريا رثة'' أي عمالة سائبة في بلدانهم، وهنا لابد من الحذر الذي يقي من الضرر، حتى لانصل يوماً، ونكتشف فيه أن بعض حاميها هم بعض حراميها، كما يحصل في بعض الأفلام على الشاشة، وكما يحصل في بعض البنوك والأسواق على أرض الواقع· نحن لانعترض على مبدأ الشركات الأمنية وأهدافها، فهي جزء من نشاط القطاع الخاص الذي يخدم الاقتصاد الوطني، ولكننا نريد من أصحاب الشركات الأمنية ومديريها، وهم على مستوى كبير من الوعي والمعرفة والحرص على الأمن الوطني والاجتماعي والاقتصادي أن يأخذوا بمبدأ ''القوي الأمين''· قالت الفتاة لأبيها وهي تشير إلى سيدنا موسى نبي الله عليه السلام:''يا أبت استأجره، إن خير من استأجرت القوي الأمين'' صدق الله العظيم ''سورة القصص''· فعلى الحكومات المحلية أن تلزم هذه الشركات الأمنية بانتساب أفرادها إلى الدورات الأمنية والإسعافات الأولية والإجراءات الاحترازية والوقائية التي تعقدها وتشرف عليها الجهات الأمنية في الدولة، لكي لا نقول يوماً: ''لا ربيت·· ولا شقيت·· ولا ساعة الفزعة لقيت'' فعنصر الحماية والأمن إن لم يكن مؤهلاً ومدرباً وماهراً، بدلاً من أن يحمينا، سنحميه، وإن لم يحصل على مستحقاته كاملة، وراتب معقول، وظروف عيش سليمة تراعي إنسانيته، وتحفز في نفسه حبه لمهنته، ووفاءه لمن وفر له فرصة العمل الكريم، فسوف ينقلب على الشركة والمجتمع ويوجه سلاحه إلى صدورنا: ولي ما بنى بيت التقاء يوم الرخاء .. وإلا على الحزات ما واحا لها يكفي هذا·· فقد بح صوت المنشد·