عندما كنت صغيرة، حاولت مراراً وتكراراً أن أرقص ''السلو'' مع شقيقتي تقليداً لممثلات الأفلام الأبيض والأسود، كانت ترتبك خطواتنا، ونسقط، ونحاول ثانية، ثم نسقط ونضحك، على أمل أن نجيدها حين نكبر؛ وكبرنا، ولم نحاول أن نتعلمها، لعل السبب يعود إلى أن هذه الأفلام لم تعد لها تلك اللذة بعد أن تأكدنا أن الحياة مختلفة؛ أو لأننا أدركنا فيما بعد، أن رقصة كهذه تحتاج لشريك مختلف! كانت إحدى الرغبات الحميمة المبكرة التي ظللت أتلكأ في أن أحصل عليها، العزف على آلة وترية، كالعود أو القانون، وبعد سنوات طويلة، اكتفيت بالجلوس مرة كل عام بجانب عازف القانون القابع منذ سنوات طويلة في مقهى بعيد عن دياري، أضع الجنيهات بين أوتار آلته وأنا أهمس له بما أريد سماعه، ثم أغمض عيني متقمصة دور أصابعه، وأبدأ في عزف ألحاني· *** تلح علي منذ فترة طويلة، رغبة بتحليق طائرة ورقية كما كنت أفعل ذلك بمهارة عندما كنت طفلة، وعندما جاءت الفرصة لأتأكد من مهارتي، حاولت أن أجعلها تحلق، مرة، ومرات، وكانت تسقط، أقنعت نفسي بأن لا حركة في الهواء لكي تحلق؛ وفي اليوم التالي أطلقتها، فحلقت من أول مرة، ابتعدت كثيراً، ثم سقطت فجأة، فأقنعت نفسي بأن الرياح كانت قوية؛ اكتشفت بعد ذلك أن الرياح لم تعد كما كانت معي، ولكني تأكدت أني مازلت قادرة على المحاولة· *** ''مع القليل من الوقار·· ستكونين امرأة استثنائية''·· قالها، ولم يكن الوحيد الذي قالها، كانوا كُثراً وإن اختلفت أهدافهم؛ منهم من اعتقد أن ذلك سيمنحني فرصاً أوفر في الترقي العملي، ومنهم من رأى أن وقت المنزل والأولاد قد حان، وأن غياب الوقار عطّلهُ؛ ومنهم من اعتقد، أن انطلاقي ''غير الوقور'' يزعجه؛ أكن لهم جميعاً التقدير، غير أني مضطرة أن أقول لهم: ''لا أريد أن أكون استثنائية·· كل ما أريده أن أكون أنا''·