الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مشاهدة تأخذك إلى هناك!

15 يناير 2009 23:30
بخيوط مستمدة من حكايات الفن السابع، التي تفجر دهشة الاقتراب من الآخر، يمكن نسج صورة لواقع الحياة في أرض العم سام، سيما وأن أفلام هوليوود قدمت ''تشخيصاً'' للواقع الأميركي وتشريحاً دراميا لمجرياته الاجتماعية وتبدلاته؛ فغنى المجتمع بالمتناقضات في المعتقد والعرق رشحه ليكون تكثيفاً للتجربة الإنسانية على إطلاقها، ما فتح الباب واسعاً أمام المؤلفين لغرف القصص والأفكار ولكن تفصيلها على مقاس ''الحلم الأميركي''· وتقدم المشاهدة المتروية للأفلام الأميركية صورة ''باهتة'' للمجتمع يظهر فيها ''متفسخاً''، مبتور الصلات بالقيم والأخلاق؛ فالمسلسل الشهير ''آلي ماكبيل'' يكشف عن مساحة واسعة من الصورة الحية للمجتمع الأميركي الغائص في التمزق الروحي والنفسي، والخاضع لابتزاز شهوتي المال والجنس· ويومئ إلى سعيه الحثيث لاستحداث منظومة من المبررات لأفعال غير مقبولة أخلاقياً وصولاً إلى بناء نمط فكري تجديدي يبيح ''محظورات'' العلاقات الإنسانية· والخطاب الدرامي الأميركي مثقل بمفردات العنف والجريمة، وتفوح منه رائحة الدم غالباً، فضلاً عن عقلية التطرف في الجريمة، والإغراق فيها حتى أصبحت الجريمة منهجية معقدة ذات دلالات ارتباطية تدفع باتجاه استقصاء أسباب تحول الأبطال في القصص السينمائية إلى مجرمين متوحشين يسعون إلى إراقة الدماء للذة· وليس أدل على ذلك من فيلم ''صمت الحملان'' لآنتوني هوبكنز، وسلسلة أفلام الرعب ''المنشار''· وتكتب السيناريوهات الهوليودية التاريخ بسرد بصري عالي الجودة، ورائع التقنية غير أنه مشوب بالمغالطات؛ فهي تعيد صوغ الوقائع بما يتلاءم مع سياسة الإدارة الأميركية المتغطرسة· فالحرب الفيتنامية شكلت مادة دسمة للعشرات من الأفلام التي ''قلبت'' الهزيمة العسكرية الأميركية الفادحة التي مُني بها الجيش الأول في العالم إلى انتصارات هوليودية تبعث برسائل مبطنة للاوعي المشاهد تعزز شرعية تلك الحرب التي وقعت في سبعينيات القرن الماضي· وهو ما شرع صناع السينما بتكراره لتبرير الحرب الأميركية على العراق منذ احتلاله ربيع عام 2003، فبدأوا بتعليب قصص من بلاد الرافدين مع إضافة منكهات تمنحها ''الشرعية'' ولو ''تمثيلياً''· والأخطر أن أفلام ''الأكشن'' الأميركية لا تترك مجالاً للتأمل بدلالات الأحداث بسبب غزارة المشاهد، وتصاعد وتيرتها، بطريقة تجعل المتلقي مسكونا بشغف المتابعة، ومغيباً لمهارته النقدية والتحليلية· ليلى خليفة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©