والمخاطب هنا، جميع الناس، وكل المستهلكين الذين يخدعون بالشكل والمظهر، وعبارة ''صنع في سويسرا أو في إيطاليا، أو ألمانيا أو الولايات المتحدة'' وغيرها من بلاد الصناعات عالية الجودة، بينما الصحيح أن البضائع المقلدة أو المغشوشة هي تايوانية الصنع، وصينية المنشأ، وفي الغالب ''عالم ثالثية'' الصنع!· فهناك ساعة من هونغ كونغ يحتاج المرء إلى مهارات خاصة لتمييزها عن ساعة جنيف، وهناك تجار شنطة يجوبون الشوارع، والأسواق وهم يحملون ساعات مجوهرة! من أشهر الماركات، مما يخدع العين ويغشي البصر، و يكبح جماح البصيرة! وما يقال عن الساعات والمجوهرات ومما خف حمله وغلا ثمنه، يقال أيضاً عن سلع ومنتجات كثيرة مثل الصوتيات، والأقراص المدمجة، والعقاقير، والعطور، وأدوات التجميل، وقطع الغيار والمنسوجات وغيرها من المواد الاستهلاكية التي ''يتواطأ'' كل من يسهل تداولها بحجة رخص سعرها قياساً إلى المنتجات الأصلية غير المقلدة، مع كل من له رغبة في التقليد والولع في البحث عن أسماء الماركات العالمية بأرخص الأسعار، متناسين حجم ضررها الذي تسببه للإنسان وللبيئة، لأنها مصنعة من مواد مجهولة· ويقدر حجم ''الهدر المالي'' في البضائع المقلدة بدول الخليج سنوياً بحوالي 50 مليار دولار، كما يقدر عدد القضايا المرفوعة أمام المحاكم بنحو 1000 قضية سنوياً· ولا يقتصر الضرر على المستهلك، بل يلحق الخسائر الفادحة بكل من المنتج، والوكيل والموزع، فهؤلاء يفترض أن تعود إليهم عوائد للبيع، وليس لصالح جيوب محترفي الغش التجاري· أما'' المشتري'' الباحث عن السعر الأرخص للماركة المقلدة، فينطبق عليه المثل القائل: ''يا مسترخص اللحم·· عند المرق تندم'' ومع ذلك فالحقيقة التي يهرب أو يتهرب منها كثيرون تتعلق بالإجابة عن السؤال: كيف نحذر التقليد؟ إنه أشبه بمطالبة الفقراء ونصحهم بأن يحددوا النسل في سبيل تنظيم الأسرة! فكيف لهم ذلك؟ إن لم ''يضربوا'' على أيديهم، ويدلوا على الطريق الطبي السليم، بدلاً من الاكتفاء بمناشدتهم ونصحهم عن بعد! قياساً على ذلك، فإن الناصح للناس بأن تحذر التقليد، حري به أن يدلهم كيف ذلك؟ قد يكون سهلاً اكتشاف التقليد إذا ما كانت البضاعة يحملها تاجر شنطة أو ''ليلام متجول أو صينية بيدها شنطة'' أو ما يسمى بباعة الأرصفة في قاع المدينة'' داون تاون'' ولكن عندما تكون البضاعة موضوعة على أجمل الرفوف، وأحياناً في بعض المعارض التجارية الكبرى، فكيف لنا أن نتبين خيطها الأبيض من الأسود؟ وكيف للمستهلك البسيط أن يدرك أن هناك فرقا· لعل الأمر يحتاج إلى خبرات متخصصة، دور استشارية، بيوت خبرة، تقنيين، فنيين، بل ورجال جمارك مدربين يعرفون''دبيب'' النملة، فهؤلاء عيون ساهرة في الموانئ والمطارات والمنافذ الحدودية، لا بد أن ينالهم من التدريب العلمي والعملي الدقيق نصيب وافر من خلال الدورات المتخصصة· كما أن وكلاء العلامات التجارية عليهم واجب يتمثل في التعاون مع الدوائر الرقابية، وتوفير المعلومات الفنية الدقيقة عن بضائعهم، لكي تميز دوائر مكافحة الغش التجاري بين الغث والسمين! والحقيقي والمزيف، والأصلي والمنسوخ· ان أساطين الغش التجاري الباحثين عن الثراء على طريقة من سيربح الملايين، لا يردعهم الحديث الصحيح''من غشنا فليس منا'' لأن معظمهم ليسوا منا ''فهم ليلام'' من كل حدب وصوب، ولو كانوا منا، فلا ضمير لهم ولا واعز أخلاقيا أو دينيا أو وطنيا·