بين الفترة والأخرى، تمر علينا أفكار غريبة، تستدعي التوقف عندها، ومنها الخطوة، التي تحاول شركات التأمين فرضها باحتساب أسعار وثائق التأمين على السيارات وفقاً لجنسية العميل، وهي بالتأكيد خطوة غير مقبولة، وتتنافى مع أبسط قواعد المنطق، لأنها تعتبر شكلاً من أشكال التعامل العنصري، لذلك لم يكن مستغرباً ردة الفعل، التي صدرت عن هيئة التأمين برفض الفكرة جملة وتفصيلاً، بحسب ما قرأت في صحيفة يومية محلية، وتحذيرها أنها ستحاسب أي شركة يثبت أنها قامت بالتمييز بين عملائها بناء على جنسياتهم. كلنا يدرك أن هناك بالفعل جنسيات دون غيرها «ما تعرف تسوق»، وتتسبب باستمرار في عرقلة حركة السير وزيادة معدلات الزحام، وفي بعض الأحيان أسلوبها في قيادة السيارة يتسبب في وقوع الحوادث، وفي معظم الأحيان يساهم في رفع مستوى الضغط عند الكثير من السائقين. وهذه حقائق أعتقد أن كلنا يعرفها ويتفق عليها، لكنها بالتأكيد ليست مبرراً، في كل الأحوال، لأن تتحول إلى ذريعة لدى شركات التأمين، تقوم من خلالها برفع قيمة الأقساط التأمينية من أجل تحقيق مكاسب تجارية، وقرار هيئة التأمين الرافض لتحديد الأسعار وفق الجنسية مفهوم، لأنه ينسجم مع أبسط قواعد المنطق والعقل، لكن غير المفهوم كيف تفكر شركات التأمين من الأساس باختيار الجنسية كوسيلة للتعامل، وكيف نبعت عندها هذه الفكرة الجهنمية، والتي ما أنزل الله بها من سلطان. ندرك أنه من الصعب على شركات التأمين أن تتعامل على قدر واحد من المساواة مع جميع العملاء، وأنه من حقها أن تفاضل في المعاملة بين شخص وآخر، ولكن هذه المفاضلة من المفروض أن تقوم على أسس موضوعية، تتعلق بالسجل المروري للعميل وليس جنسيته. هناك أشخاص ملتزمون بقواعد السير وحريصون على عدم ارتكاب المخالفات، وبالتالي حوادثهم لا تذكر، وإن حصلت فإنها تكون محدودة وبسيطة، وهذه النوعية هي التي من المفروض أن تحصل على أفضل معاملة من قبل شركات التأمين. في المقابل هناك أشخاص غاية في التهور ويتسببون في وقوع حوادث جسيمة، وهذه النوعية تستحق التشدد معها، وأن تفرض عليها أسعار تأمينية عالية، تتوافق مع حجم الكوارث التي تتسبب بها. هذه هي الطريقة المنطقية، التي تعتمد عليها شركات التأمين في كل أنحاء العالم، باعتبار السجل المروري هو الفيصل في تحديد قيمة التأمين للعميل، وليست الجنسية أو أي أمر آخر قائم على الاعتبارات العنصرية، وأعتقد أن شركات التأمين تدرك ذلك جيداً، ولا تحتاج إلى من يذكرها به. سيف الشامسي s.alshamsi@admedia.ae