المقولة للشاعر المصري أحمد شوقي، وصارت مضرباً للأمثال بعد ذلك، وهي تعني أن كلنا «في الهم سواء» أما لماذا «شرق»، فأكيد أنه لم يكن يقصد شرق القارة الآسيوية الذي بات هماً لنا يؤرقنا ويحول أحلامنا إلى كوابيس، وإنما كان يقصد كل الشرق، وأنه مهما اختلفت وتباينت الهموم، إلا أنها واحدة. وقد بات للعبارة الشعرية رغم ألمها وجود في البطولة الآسيوية، في ظل السيطرة المتنامية للشرق على اللعبة، مثلما هو حالها في أمور كثيرة، فهي تتطور بسرعة مذهلة، بينما نحن نراوح أنفسنا، وفي الدور الأول للبطولة، خرج العرب بخفى حنين، ولم يتركوا وراءهم إلا أصحاب الأرض والبطل السابق، اللذين سرعان ما لحقا بالبقية في مشهد لم يحدث في البطولة منذ قرابة أربعة عقود من الزمان، ولم يبق إلا شرق القارة، ومعهم الضيف الأسترالي الثقيل الذي حل علينا بين ليلة وضحاها، فبات يحقق ما يريد بأقل مجهود. المهم أننا ونحن نعدد همومنا مع الشرق، ونقارن بيننا وبينهم، نكتفي بالعموميات، دون أن نخطو خطوة عملية على طريق تصحيح المسار أو حتى تقليد هذا الشرق، وبإمكاننا أن نستعين ولو بنموذج واحد على الأقل ونطبقه، بعد تطويعه لمعطيات الحياة لدينا، فإن كنا لسنا مثل اليابان أو كوريا عدداً، إلا أن بإمكاننا اختزال تجربتهم مع العدد المتاح، وأعتقد أن التكثيف في هذه الحالة قد يمنحنا ميزة عنهم، فالرعاية والعناية بمائة لاعب في مختلف أطوارهم وفق منظومة صارمة، ستكون نتائجه بالطبع أكثر نجاحاً من توجيه ذات الجهد والعمل إلى ألفين أو ثلاثة، مع الاعتراف بأن زيادة القاعدة، تسهم في الوصول إلى النخبة. علينا أن نعرف، كيف استطاعت اليابان خلال عقدين تقريباً من الزمان، الوصول لما وصلت إليه، ففي عام 1988 وهنا في الدوحة أيضا، كانت اليابان مثلما هو حالنا اليوم، لا تطمع في شيء ولا تبحث عن شيء، ونالت من العنابي صاحب الأرض ثلاثية بدت عادية، ولكنها عادت في البطولة التي تلت تلك لتفوز باللقب في عام 92 ثم في عام 2000، و2004، وتنطلق أثناء ذلك وبعده إلى الساحات العالمية والدولية، وباتت طرفاً أصيلاً في كأس العالم، وأعتقد أنها ماضية بعد فترة من الزمن نحو مقارعة كبار العالم، بالعلم والتنظيم والروح الحقيقية، وليست تلك الانفعالية التي لدينا. وبالمناسبة مشكلتنا لم تعد مع الشرق وحده، فها هي استراليا من الآسيان، تبدو وكأنها من ثوابت أي بطولة، والمنتخب الأوزبكي الذي ينتمي إلى جنوب القارة، يمضي هو الآخر نحو كتابة تاريخ جديد لنفسه، فالاتحاد الذي انضم إلى الأسرة الدولية والآسيوية في كرة القدم عام 1994 بات عقبة هو الآخر في طريقنا، وإذا كان فرسان الشرق، سواء الكوريتين أو اليابان أو الصين، يمثلون معضلتنا الحقيقية الآن، فأخشى مع ايام أن تكون المعضلة من الجنوب، وأن يسقط الغرب وحده، لا سيما نحن، من حسابات القارة. كلمة أخيرة الشرق والغرب، ليست اتجاهات فقط تصنعها خطوط «الطول والعرض»، وإنما نحن من يرسمها على تفاصيل الوجوه.. عجيب كيف تحدد الاتجاهات معادن البشر! mohamed.albade@admedia.ae