غير بعيد عن حديثنا بالأمس حول الحوادث المرورية، نعرض اليوم واحدة من أحدث مبادرات وزارة الداخلية وشرطة أبوظبي في هذا المجال، ونقصد” دورية تثقيف” التي تهدف إلى رفع مستوى الثقافة المرورية لدى مختلف شرائح المجتمع، وعلى وجه الخصوص تفعيل التوعية المرورية لدى الأسر في كيفية التعامل الصحيح مع الأطفال داخل المركبة وعلى الطريق. في مسعى يعبر عن مقدار الجهد الكبير الذي تقوم به الوزارة والأجهزة التابعة لها للاعتناء بالإنسان في الإمارات، الإنسان الذي تنظر له قيادة البلاد باعتباره أغلى ثروات الوطن. وهي جهود تتطلب من الفرد التفاعل معها وإنجاحها، والالتزام بقواعدها سيجنبه شر تلك الحوادث والنزيف الذي نعاني منه على طرقاتنا، ونهدر به ومعه طاقات نحن بأمس الحاجة إليها.
وقد تابعت أحدث نشاط لدورية” تثقيف” مؤخراً، حيث قدمت الدورية توعية مرورية لـ300 طالب وطالبة بجامعة الحصن في أبوظبي، إلى جانب تعريفهم بأعمال ومهام الدورية التي تركز على توعية الجمهور في الأماكن العامة، وكذلك الطلاب في مختلف المراحل الدراسية، وتنظيم محاضرات للتعريف بالدورية ونوعية خدماتها، وزيارة الأسر لتوعية السائقين العاملين لديها، ومربيات الأطفال. وهي دوريات لدى عناصرها صلاحية ضبط السائقين المخالفين، ودعوتهم إلى الالتزام بقوانين السير والمرور.
هذا الجهد التثقيفي الكبير الذي نحن بأمس الحاجة إليه، يسد حاجة في مجتمع يعج بعشرات الجنسيات القادمة من خلفيات ثقافية مختلفة، وكثير منها يفتقر لثقافة احترام القانون في غياب ممثل ومنفذ تطبيق القانون، ونقصد هنا رجل الشرطة.
وذات مرة كنت في زيارة لبلدة صغيرة في إحدى الدول الأوروبية، ولاحظت وقوف سائقي السيارات عند خطوط عبور المشاة بمجرد وقوف هؤلاء عند طرف تلك الخطوط، وليس مرورهم بداخلها، من دون أن يظهر على السائقين أي انزعاج لكثرة المشاة في ذلك المكان الذي يقع قبالة مركز تجاري. ولا تسمع صوت ابواق السيارات تستعجل المشاة أو ينهرهم أصحابها لتسرعهم او لتباطؤهم في السير. ولأنني أقطن غير بعيد من الجامعة التي تواجدت فيها دورية” تثقيف” ادرك كم يحتاج الكثير من طلابها للتوعية، خاصة وأنا اشاهد خلال فصل طلاب لا يتوانون عن سد مداخل ومخارج سيارات للسكان المتضايقين من وجود جامعة بهذا الحجم في قلب منطقة سكنية. كل ذلك حتى لا يضطر للسير بضعة امتار إلى مدخل الجامعة. ثم تجد طالباً وهو في هذا المستوى التعليمي يفتقر إلى الوعي البيئي، فتجده يترك سيارته تعمل، بينما هو في محاضرته من أجل أن يعود ويجد المكيف وقد برد له سيارته. رغم ما لهذه العملية من مخاطر، وقد رأينا كيف اشتعلت نيران في سيارات كانت متوقفة في موقف إحدى الجامعات، بعد انتقلت إليها من سيارة تركها صاحبها ومحركها يعمل. ورغم أن ذلك يعتبر مخالفة في قوانين المرور، فإن الكثير من الطلاب وبعض المصلين، خصوصاً عند صلاة الجمعة، يقدمون على هذا العمل. والمسألة في المقام الأول ثقافة سلوكية تترسخ لدى المرء، يحمي بها نفسه ومن معه من الحوادث الطارئة، وسلامتكم.



ali.alamodi@admedia.ae