هناك مثل يقول رزق الهبل على المجانين، وأراه ينطبق على من يبحث عن عشبة استوائية لاتنبت إلا في غابات البرازيل الجنوبية، هذه النبتة قادرة على معالجة كل أنواع الأمراض، ولها قدرة عجيبة على إنبات الشعر بالنسبة للرجال، وهي مضمونة المفعول في تفتيح بشرة الحسناوات، وإزالة التجاعيد، وتأخير الشيخوخة، فمن يصدق هذه الأكاذيب يستحق لقب مجنون مع مرتبة الشرف.
في الآونة الأخيرة راجت قصة الأعشاب والطب البديل، والتداوي بطرق ما أنزل الله بها من سلطان، ولا تقنع عاقلا، ورغم ذلك يلهث وراءها الباحثون فئة تريد أن تتعلق بقشة، ويصدقون أن كريما مستخلصا من جبال الهمالايا ومعتقا بزهور التبت، مضافا إليه رمال من صحراء نيفادا قادر على إعادة الحيوية والجمال والإشراقة وصنع ابتسامة مشرقة خلال يوم وليلة، وأكثر من يصدق هذه الخزعبلات بنات حواء “نصفنا الحلو”، الباحثات عن الجمال والبياض والمتنكرات لخلقتهن، والساعيات لمنافسة ملكات الجمال في الطول والعرض والجمال، وغيرها من الأمور، فليس لديهن سوى التنقل والبحث عن الدجالين والماكرين، بائعي الوهم، من يدعون أن مستحضراتهم وأدويتهم لديها عصا سحرية، قادرة على تحويل الشمطاء، السمراء، الى حسناء، هيفاء، نجلاء، غيداء، أسيلة الخدين، كحيلة العينين، وغالباً ما تزدحم مثل هذه المحال والمراكز التي تعرف من أين تؤكل الكتف، وتقدم الإغراءات لبنات حواء، لإيقاعهن في الشباك، واستنزاف ما في جيوبهن، منطلقين من حرص بناتنا على الاهتمام المفرط بجمالهن وإظهار زينتهن.
وما يزيد الطين بلة، أن الشباب ليسوا بأحسن حال من البنات، فإذا كنا نسوق بعض المبررات للفتيات، لكثرة ترددهن على الصالونات ومراكز التجميل، فبم يبرر إقبال الشباب على مراكز التجميل؟ ولا أقول صالونات الحلاقة، نعم هناك الكثير من الشباب الذين يرتادون ويترددون على مراكز التجميل والبحث عن الجمال المصطنع في الحقن والليزر والمستحضرات وغيرها من المواد التي تدغدغ مشاعرهم، وتعزف على الوتر الحساس بقدرتها العجيبة على إظهار جمال الشاب الحقيقي، واسترجاع سنوات العمر الضائعة.
إننا قد لانلوم مراكز التجميل، ومحال العطارة والبقالة التي تروج لهذه المستحضرات السحرية والعجيبة، بل عتبنا أولاً على من يصدق هذا الكذب البائن بينونة كبرى، والتلفيق الواضح للغش الظاهر، ولكن أياً من الباحثين عن الوهم يرون الحقيقة التي تغطيها رغبتهم وشغفهم في التغيير والتمرد على حالهم وحالتهم.
ومؤخراً اتفقت وزارة الصحة مع الجهات المحلية المختصة “البلديات والدوائر الاقتصادية” على أن يكون ترخيص ممارسي الطب البديل مثل الحجامة والتجميل والتدليك الطبي من اختصاص الوزارة، بينما ترخيص المحال التي تمارس فيها تلك الأنشطة من اختصاص الجهات المحلية. نتمنى أن تراقب مثل هذه المراكز، وتوضع خدماتها وما تقدمه من مستحضرات وأعشاب تحت المجهر، حفاظاً على صحة وسلامة فتياتنا وشبابنا.


m.eisa@alittihad.ae