أوصتنا الصديقة الغالية أم سعود على «مضرب دهن عود» وأعطتنا «غرشة» كُـتِبَ عليها شما للعطور وكعادة أي حريص على إرضاء الجمهور، فهرعنا لسوق الفندق في حال وضع أمتعتنا في إحدى غرفه وتمحورت جهودنا حول تحقيق الطلب. وذهبت مع أم خالد في رحلة استكشاف عرفنا من خلالها أنه لا يوجد في بَـمَبَيّْ التي أصبح اسمها مُـومباي أي محل للعطور بهذا الاسم. وبالصدفة اكتشفنا ثلاثة مَـحَاّل يحملون ذات الاسم التجاري الأول منها يدعى «الشمع المتحدة»، والثاني «مؤسسة الشمع للعطور» والثالثة «شركة الشمع للعطور» ويبعد كل محل بضع خطوات عن الآخر. وشاء الله أن كللت جهودنا بالفلاح عندما قالت أم خالد: لا عليك من الأسماء ودعينا نبحث عن المحل المعني مُسَتـدِلين بعنوانه الذي كُتـبَ على العلبة. وعندما قصدناه وجدناه أحد هؤلاء «الشمع المتحدة» فسألت صاحب المحل الذي حسبته «مخاوي شما»: يا أخي دوختونا شوه السالفة ويا اسم دكانكم «شما» والا «الشمع»؟ فأجاب باستحقاق: «اسم مكتوب من فوق محل أنته يشوف إزا يأراف إقرا من آرابي اسم مالنا نحنا شما!» فكان ردي المتسلط: «وشو عايبنكم في اسم الشمع هذا؟» فأجاب فاروق بنخوة حسمت الموقف: «هذا من نفس قبيلة مال أنا». فقاطعته ضاحكة: قبيلة الشمع. فأجاب بمهنية عالية: «نعم، نحن من نفس قبيلة لاكن بابا موت حرمة مال ولد ودي راس مال هوه يمين يسار بعدين هو قول أنا سوي شركة مال روحه...الحين اسم قديم بابا يعطي كل ولد خلي لاكن كل واحد شيل فلوس مال هوه وسوي شركة مال نفر واحد. هذا حرمة واجد شيطان». فعقدت حواجبي وأنا أرشف «الدود ماسالا» وقلت له: اسمع «انته مال قبيلة الشمع، اوزن رمستك جان تبغيني أشتري من عندك سامان والا تراني باسير محل غير»، فيه شيء اسمه حقوق المرأة وتمكينها وترشيحها لمناصب قيادية في بلادي. فقال بملل: «شو من دهن عود تبغي.. واحد مثل انتي لازم أبغي قديم». فقلت له: قديم قديم واللي فيها فيها. واشترينا من الطيب ما دفعنا به البلاء وصار فاروق لايفارقنا. وفي اليوم التالي جاء صبي لغرفتنا ومعه سلة بها «همبا وشريفة» وجوافة وفواكه اخرى لانعرفها ولم نرها في حياتنا من قبل، وفي واجهة السلة وجدنا «صرار» فيه «بان» ورافق السلة كيس به حنا بنكهة الدهن عود ورن الخليوي إذا بفاروق يسأل: «هاه ماماه سامان يوصل؟» فقلت له: بارك الله فيكم يا أبناء قبيلة الشمع ولو كنتم في بلادي سأرد الجميل ونكرم قبيلتكم «الشمعية» بـ «الرطب والتمر والكامي، والقرص، والبلاليط، والخبيص والهريس والمطبن وغيره»، و نعتذر لمنع «البان» وإن صُبـِغَت جدران سوق الذهب بلونٍ يتناسق مع مُخرجاته. وعندما عدت إلى الإمارات وحرقتني شمس الظهر فازداد إصراري للحفاظ على نقص فيتامين دال وقلت في خاطري كيف كان لقبيلة الشمع أن تتأقلم وتعيش في أجوائنا وتفاصيل الطقس القاسية التي عاشها القدماء منا. للعارفين أقول، الشمع ممحاة الظلام والشموع ترقى بالآمال والأماني. bilkhair@hotmail.com