تبوح بطولة كأس الأمم الآسيوية اليوم بسرها قبل الأخير، من خلال مباراتين تختزلان الكثير من واقع الكرة الآسيوية في عهدها الجديد، الذي انحاز لغير العرب، حيث تلتقي أوزبكستان مع استراليا، فيما تلعب اليابان مع كوريا الجنوبية، وبالرغم من استحالة التكهن في مرحلة كتلك، إلا أنني لا أخفي انحيازي بدءاً من اليوم لصالح اليابان، وبالطبع لم تكن تلك هي مشاعري في مبارياته الأولى، سواء أمام الأردن وسوريا أو السعودية، وحتى مباراته في ربع النهائي أمام العنابي الشقيق، ولكن طالما أنه صعد بشكل أو بآخر على أكتافنا، فليمنحنا حجة أن من أعيتنا الحيل معه هو البطل. أيضاً يستحق الفريق الياباني الاحترام، لأنه يقدم كرة حديثة ومتحررة، وأكاد أجزم أنه لا يشغل نفسه كثيراً بما نشغل أنفسنا به، ونحن نخطط لاستراتيجيات اللعب والتكتيك و«التكنيك»، وأن له طريقته الخاصة، التي ربما لا تكون 2/4/4 أو حتى 2/3/5 أو غيرها من ألوان الطيف التي ننشغل بها نحن، فهو فريق له مفرداته الخاصة وأسلوبه المتفرد، ولعل أهم ما يميزه، هو أنه بالفعل «ساموراي»، يمتلك روح المحاربين، لا يهمه إن تقدم عليه خصمه أم لا.. ينظر لنفسه فقط، ولا يعبأ بمن عداه، ولا يتوتر أو يقع تحت ضغط، ولا يعرف العشوائية، وهو ما وضح في كل مبارياته السابقة لا سيما مباراته مع العنابي التي تخلف فيها مرتين، وبالرغم من ذلك وصل إلي مبتغاه، بينما صفوفه ينقصها لاعب خرج بفعل الطرد.. بدا لاعبو اليابان وكأنهم هم المتقدمون، وتناقلوا الكرة في مساحات فرضها عليهم واقع المباراة، ونوعوا في أساليبهم، حتى دان لهم الفوز. نعم هم «سامواي» تراهم واقفين في كل الأحوال، تخلفوا أم تقدموا، وإذا كنا نسميهم «الكمبيوتر»، فهم أيضا كذلك، لأنهم منظمون.. يتحركون بـ«المسطرة» و«الورقة والقلم»، وبالرغم من الشبه الشديد بينهم وبين الفريق الكوري الجنوبي الذي يواجهونه اليوم، إلا أنهم أكثر منه تميزاً، ومسيرتهم مع تاريخ الأمم يقول إنهم فريق، يتطور يوماً بعد يوم وعاماً بعد عام، ومثلما هم في شوارعهم وحياتهم منضبطون إلى أقصى درجة، هم يترجمون حياتهم تلك في الملعب، فترى أمامك اليابان بكل حضورها وانضباطها وتألقها وابتسامتها الخجولة وملامحها الحيادية، التي لا تتخذ موقفاً إلا في النهاية. أما عن مباراة أوزبكستان واستراليا، فمن الصعب التكهن بما تسفر عنه، في ظل الشبه الكبير بين الفريقين، اللذين يعتمدان بنسبة كبيرة على القوة البدنية والمهارات الفردية للاعبين، ويزيد المنتخب الأوزبكي بعض الشيء بحماسة فائقة من لاعبيه الذين يتطلعون إلى إنجاز كبير للكرة الأوزبكية، بعد أن باتت تسطر لنفسها تاريخاً وترسم ملامح عهد جديد للكرة في القارة الصفراء. وبالرغم من قوة الفريق الأسترالي، والذي رأيناه أمام العراق الشقيق، إلا أنني لا زلت مصراً على أنه ليس ذلك الفريق المرعب كما يصوره البعض وكما تعكس نتائجه حتى الآن، ونتائجه في معظم الأحيان أشبه بمفاجآت، يسانده الكثير من الحظ، الذي ربما يرفض التخلي عنه. كلمة أخيرة في مربع الكبار.. لا تنتظروا الإبهار، فالنتيجة أهم من الاستعراض، ومنصة التتويج تحلق في خيال الجميع فوق مياه الخليج. mohamed.albade@admedia.ae