باتت رؤية شباب في مقتبل العمر من المتسولين والمتسولات في المراكز التجارية من المناظر المألوفة هذه الأيام. جميعهم يتفقون على هدف واحد وهو استدرار ما في جيوب المارة من إحسان بوسائل مبتكرة أصبحت تواكب متطلبات العصر الذي يتسم بالسرعة والاختزال. يقف أمامك شاب في مقتبل العمر لا ينبس ببنت شفة، ولا يتحدث حتى كلمة واحدة حتى تلتفت له ثم يدفع إليك بورقة مطبوعة بحجم كف اليد، كتبت بعناية هذا نصها الحرفي «إلى أهل الجود والكرم والشهامة، كل عام وأنتم بخير، إلى أهل الطيب والإحسان أرجو أن لا تسخروا من وقوفي أمامكم، حيث إنني شاب متحمل بعد إصابة والدي بفشل كلوي ديونا كثيرة وأسرة كبيرة من نساء وأطفال، وكذلك أصبحت مطالب بإيجار البيت أسأل الله أن يغفر لنا ولكم، ويتقبل منا ومنكم صالح الأعمال وأن يجعل ما تنفقون في موازين حسناتكم ويدفع عنا وعنكم كل بلاء ويثقل بها موازينكم». وما يحدث أن يقوم الفرد من الجمهور ممن يتعرضون لهذا الموقف من تلك الفئة أن يمد يده في جيبه ويتصدق بما قسم الله لأن ديننا الحنيف حثنا على الصدقات، والإنفاق في سبيله، انطلاقا من قول المولى سبحانه وتعالى «من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون» حيث حبب إلينا الإسلام هذا السلوك. لا جدال أن التسول ظاهرة سلبية وغير حضارية لكن السؤال الذي ينتصب ليطرح نفسه ما الذي يدفع هؤلاء للقيام بهذا السلوك هل هي الحاجة فعلا؟ هل هو العوز والفقر؟ أم هي طريقة للكسب بطرق غير مشروعة؟ كأن يكون سبب الظاهرة وجود مافيا منظمة تعمل على تحويل مجاميع من الناس، ومنهم شريحة النساء خاصة، إلى متسولين محترفين لجمع مبالغ طائلة الله وحده أعلم أين تصرف. هذا السلوك بات ظاهرة هذه الأيام على الرغم من انقضاء شهر رمضان المبارك تراهم في الأسواق والمحال والمطاعم ووسط المساكن الشعبية ويدخلون البيوت دون استئذان حتى يفاجأ بها صاحب البيت في صالة الاستقبال. خاصة النساء حتى وصل الأمر تجدهم في عيادات الأطباء، وكلهن يتفنن في التسول ويبتكرن وسائلهن الخاصة للوصول إلى عطف وشفقة المستهدفين من الجمهور. هناك جهات عديدة معنية لها الباع الطويل في دعم المعوزين في الدولة وخارجها منها مؤسسة زايد بن سلطان للأعمال الخيرية والإنسانية، ومؤسسة خليفة للأعمال الخيرية والإنسانية، ومؤسسة محمد بن راشد للأعمال الخيرية والإنسانية، وصندوق الزكاة والهلال الأحمر وعدد لا بأس به من جمعيات النفع العام تدعم في الاتجاه ذاته. في تقديري للقضاء على هذا الظاهرة يجب عدم دفع كل المشكلة على الجهات الأمنية المعنية، بل يجب على الجمهور أن يساعد في هذا الإطار من خلال وعيه، وذلك بالإحجام عن إعطاء هؤلاء وإرشادهم إلى تلك المؤسسات الخيرية. وكلنا ثقة بأن الجهات المعنية قادرة على متابعة هذه الظاهرة والحد منها. جميل رفيع | jameelrafee@admedia.ae