قناة فضائية تطلق على نفسها عالمية وإنسانية، وذات أخلاق دينية، تركز هذه الأيام بكل ما تملك من طاقات إعلامية مبتدعة على الوضع في البحرين وتحاول أن تشعل نار الطائفية في هذا البلد العربي الخليجي المسلم، وتؤجج وتضرج بالكلمات النابية سمعة هذا البلد، وتحاور وتناور وتفاخر في نقاشاتها أنها تستقطب ثلة من الأبواب المطبلة والمولولة، والمهللة، والمجلجلة والتي تزبد وترعد، كلمات جيء بها إلى هذه القناة للحديث عن الأوضاع في البحرين، أبواق تحمل في رناتها وهناتها وحركاتها وسكناتها حقداً دفيناً وضغائن ما أنزل الله بها من سلطان، وتراكمات وعقد نقص تاريخية يبغضها زماننا المعاصر، ويمقتها كل صاحب ضمير يهمه أمن مملكة البحرين واستقرار شعبها وطمأنينته. أبواق تخيط جلاليب وعباءات سوداء كئيبة، وتضع على كل فكرة عمامة بائسة تفوح منها رائحة التزمت والتعنت والانكفاء على الذات وكره الآخر حتى ولو كان ملاكاً، لأن هذه الأبواق تريد العالم أن يكون بثوب واحد، ولون واحد، وفكر واحد، وملة واحدة لا شريك لها في العالم، ومن يختلف عنها فإنه ضال ومشرك ومنحاز إلى جمهورية الشيطان، ويتغدى ويتعشى عند إبليس. مفهوم مغلق ضيق، وأضيق من ثقب إبرة، لا يدع لفكرة مغايرة أن تعبر ولا يترك لمختلف أن يفكر، فهذه القناة القضائية تتحدث عن “الثورة” في البحرين واليمن وليبيا، ويطبق الصمت على أفواه مذيعيها عندما تأتي سيرة سوريا، وعند سوريا ترتجف الكلمات وتجف العبارات وتسقط من علٍ كل القيم والمبادئ لأن أصحاب القناة أرادوها مللية طائفية، شوفينية تفرق الدم عن الدم، وتمزق الجسد الواحد من الرأس حتى القدم، ولا يهمها وطن ولا مصالح شعب، ولا مستقبل إنسان، كل ما يهمها تغليب النقمة على الحكمة، ونصرة الغمة على النعمة لأن أنصار الطائفية شريحة باعت السيادة الوطنية، واعتنقت الملة كوطن شرعي حتى وإن ذهبت هذه الملة إلى أقاصي التخريب وتسريب الحقوق الإنسانية، ووضع الوطن على متن طائرة مخطوفة لا حِل لها ولا ترحال. القنوات الطائفية هي مشروع عدواني ضد الإنسان ومكتسباته وحقوقه في العيش آمناً مستقراً لأنها قنوات تستخدم الإعلام وسيلة وحيلة لتنفيذ مقاصد باطنية هدفها الظاهر الدفاع عن حقوق فئة أو ملة، وغاياتها الدفينة ضرب العقيدة الإسلامية وتهشيم عظامها وتحطيم أركانها وجعلها فريسة سهلة طيعة تمضغها الحلوق بفجاجة المتمرسين على قلب الحقائق. وأخيراً نقول ستظل مثل هذه القنوات تسرب مياهها الملوثة في المكان، ولكن في المقابل ستظل مملكة البحرين الحبيبة شامخة راسخة، متألقة منطلقة بثقافة شعبها الواعي، وحنكة قيادتها في إدارة مثل هذه الأزمات. وستظل البحرين مملكة القلوب المحبة وعشاق النفس المطمئنة، وستسقي عذارى من معين عيونها كل من يخفق قلبه لتاريخ دلمون وحضارتها التي سبقت الكثيرين ممن يتوهمون العظمة. علي أبو الريش | marafea@emi.ae