صحبتني صور المرشحين لانتخابات المجلس الوطني في مشاويري العديدة ذهاباً وعودة. حفظت أسماءهم وصورهم وطريقتهم في الوقوف والنظر بثقة للكاميرا وهم يلتقطون الصور لزوم اللوحة الانتخابية، تأملت ذلك الجالس على مقعده الفاخر أو وهو يجلس في مكتب تبدو الأبهة واضحة في كل تفاصيله، تأملت الصور واللافتات والبذخ غير المحدود الذي انفق به البعض على حملاتهم والتواضع الذي بدى على حملات البعض فكل مما لديه ينفق، ولكن ما استوقفني دائماً هي الوعود الكبيرة التي ألزم بها هؤلاء المرشحين أنفسهم أمام مجتمع الناخبين وهنا نتوقف لنقول كلمة. وراء كل صورة من صور المرشحين تكمن حكاية، ووراء كل حملة هناك شخص تواق لتحقيق هدف ما، نحن في عمق العملية الانتخابية التي كانت تلوح كحلم لسنوات قليلة ماضية 100%، وإذا بنا اليوم نعيش الظاهرة الانتخابية بكل تجلياتها وتداعياتها السياسية والاجتماعية والثقافية، تخدمنا أكثر مما تزيننا، ونقودها بوعي دون أن تقودنا إلى شكل صوري من أشكال المشاركة، خاصة وبلادنا تعاني مشكلة سكانية معروفة لا نريد أن نصطدم بتناقضاتها دون أي داع، فلندع القاطرة تسير بشكل سلس لنصل إلى أهدافنا بشكل طبيعي. الانتخابات والديمقراطية وسيلة وليست غاية في حد ذاتها، وهي شكل من أشكال التعاطي الإنساني مع شؤون الحياة اليومية وهموم الناس ومطالبهم، ولذلك فلا شكل ثابت لها ولا إطار جامد، فهناك متسع للجميع كي يكيف تجاربه وفق مصالحه وتلك هي السياسة وهذه هي البراجماتية إن شئنا الدقة وليس في الأمر تجاوز ولا تحوير، ونظن بأن العملية السياسية تنضج بشكل سليم، وذات غد قريب سنذهب جميعا إلى صناديق الاقتراع التي نتمنى من اللجنة الوطنية للانتخابات أن تجعلها صناديق لا أجهزة كمبيوتر، فنحن لسنا بتلك الكثرة التي نحتاج فيها إلى تصويت إلكتروني، مجرد أمنية نتمنى تحقيقها. نعود للمرشحين وبرامجهم ووعودهم الانتخابية لنذكرهم بأمر يعرفونه أو ربما فاتهم، فالناس أصبحت ذكية بما فيه الكفاية، وواعية جيداً لكل ما يدور حولها، الناس في مجتمعنا تعرف من شؤون السياسة أكثر مما يتصور المرشحون، وحتى غير المتعلمين من فئة الآباء والأجداد يتابعون أخبار العالم ويعرفون على وجه الدقة تفاصيل خط ثوار ليبيا، وأخبار خطاب أوباما في مواجهة الدولة الفلسطينية، وتحركات عباس في أروقة الأمم المتحدة، ومناورات الرئيس ساركوزي و... وعليه فكل ما أعلن من برامج انتخابية سيحاسب عليها أصحابها ذات يوم إذا اغفلوها أو نسوها لا سمح الله، أو عملوا عكسها فالناس ذاكرتهم ليست مثقوبة في كل مكان. في السياسة الناس عندنا تعيش تجربتها الثانية خلال أربع سنوات، وهي تكون معرفتها بناء على مخزون ثقافي معلوماتي إعلامي ممتاز وفره لها فضاء إعلامي مفتوح على العالم، ومقدرة مالية ساعدت على السفر والمعرفة وفرص تعليم ضخمة جعلت أبناءه يحتكون بأكبر وأقدم الديمقراطيات والحضارات، هذا الشعب يستحق إنجازاته، ويستحق ممن يقدمون له وعودا قلت أو كبرت أن يتذكروها دائماً وأن يلتزموا بها وأن لا تشغلهم مصالحهم فيما بعد عن ما وعدوا به. عائشة سلطان | ayya-222@hotmail.com