تعيش الأوساط التربوية الأميركية صدمة كبيرة بعد ظهور الطفلة مادي جاكسون في برنامج مواهب وهي ترتدي ملابس الفتيات الكبيرات المزودة بالحشوات الاصطناعية وتقلد أسلوب ومشية إحدى المغنيات المشهورات بطلتها المبالغ فيها. وعلى مدار الأسبوع الماضي كله كانت حلقات النقاش التربوية في الفضائيات الأميركية، وصفحات التربية في الصحف تنتقد الأم التي منحت طفلة في الرابعة من العمر طلة فتاة في أواخر العشرينيات، وأن هذا التقليد له مردود سلبي على نفسية الطفلة، وإن كانت الأم لا تشعر بأنها ارتكبت خطأ في حق ابنتها الصغيرة. هذا الموضوع يقودنا للحديث عن تربية الأبناء خصوصاً مع ظاهرة الأزياء الصارخة للفتيات الصغيرات، والذي يجب أن نُسلِّط عليه الضوء لما له من آثار على سلوكيات الفتيات في المستقبل عندما يكبرن، فمن شب على شيء شاب عليه! في السنوات الأخيرة اقتنعت بعض الأمهات بفكرة ساذجة مفادها “بنتي بعدها صغيرة”، وصارت تلبس صغيرتها الملابس العارية المخصصة أساسا للفتيات الناضجات، والحديث هنا لا يعني البنطلون والتيشيرت بل يعني القمصان المخرمة الجوانب التي تظهر الظهر والبطن، تلك المليئة بالسلاسل والطرابيش الغريبة. وترتدي الصغيرة ملابس قصيرة جدا (لمنتصف الفخذ) تقريباً وبدون بنطال يسترها وتتعلل الأم بأن ابنتها طفلة وكأن الأطفال يجب أن يبقوا عراة. مع الوقت تكبر البنت وتظل الفكرة نفسها في رأس الأم، وتصل الصغيرة لعمر 10 سنوات وهي ترتدي الملابس بذات الفكرة، وحتى أن بعض الفتيات “تشب” أجسادهن بسرعة وتظهر عليهن ملامح الأنوثة والأم ما زالت تعتقد أن ابنتها ما لم تصل لعمر 12 عاما فلا يجب أن تغطي شعرها، ولا ترتدي العباءة قبل 15 سنة حتى لو كانت امرأة كاملة. تجد فتيات بعمر السبع والثماني سنوات يرتدين ملابس أشبه بثياب الأجنبيات في حفلاتهن الصاخبة، قمصان بألوان فاقعة وقماش شفاف تصميمها أشبه بالشرائط الممزقة التي تحيط بالجسد ولا تستر منه شيئاً. ويضعن أحمر الشفاه الصارخ، ويكحلن العيون التي تغطيها “غرة” مصبوغة وبهذا المنظر تمشي الفتاة بجوار والدتها التي غالبا ما تكون امرأة مزهوة بنفسها وتفاخر بأنها تربي ابنتها على الحرية. لا مانع في أن تدلل الأم صغيرتها، ولكن في حدود لا تعرضها للأذى، ولا ترسخ في عقلها سلوكيات وعادات خاطئة لا تمت بأي صلة لعادات وتقاليد مجتمعنا، والتنشئة السليمة القويمة المستندة من الدين والعادات والتقاليد لتعزز في نفس الطفل النشأة السوية، فتحصل على شابة في المستقبل متوازنة وتتحمل المسؤولية. الدعوة إلى الانتباه إلى ما ترتديه الصغيرات من ملابس وما يضعنه من أدوات مكياج وأصباغ شعر ليست نوعا من التعقيد أو الرجعية، بل اهتمام وحب لصغيرات يجب أن نحميهن من التحرش الذي بدأت معدلاته ترتفع، ونزرع في دواخلهن حب الحشمة والرقي، لأن الملابس امتداد للشخصية وحينما يكبرن سيكون لهن قرار خاص فيما يفضلن ارتداءه. فتحية البلوشي