في دور العرض المحلية يعرض حالياً فيلم “المر والرمان” للمخرجة الفلسطينية فرح النجار، وهو الفيلم الذي لقى صداً جيداً حين عرضه في عدد من المهرجانات العربية والدولية. وتدور أحداث الفيلم في رام الله، ويروي قصة زوج وزوجة، الزوج “زيد” يقوم بدوره أشرف فرح، صاحب أرض لزراعة الزيتون، والزوجة “قمر” تقوم بدورها ياسمين المصري، راقصة في فرقة رقص فلسطينية، تمزج بين الرقص الشعبي والحديث، يتعرض الزوج للاعتقال من قبل السلطات الاسرائيلية بعد أن تصادر أرضه من قبل المستوطنين بمساعدة الجيش الإسرائيلي، فيما تعاني الزوجة فراق الزوج الذي لم يدم على زواجهما الوقت الطويل. وبالرغم ما جانب الفيلم من نقد بعد عرضه الأول في رام الله عام 2009 بسبب سلوك قمر التي تعتبر زوجة أسير فلسطيني لا يصح أن يكون لها السلوك ذاته في الفيلم، حيث ينجرف شيء من عاطفتها تجاه مدرب الرقص الجديد “قيس”، والذي يقوم بدوره علي سليمان، في الوقت الذي كان زوجها تحت الاعتقال الإسرائيلي، وهو ما اعتبر تنقيص من سيرة زوجة الأسير. بالرغم من ذلك تقدم المخرجة وكاتبة قصة الفيلم فرح النجار في سير الأحداث، روح الإنسان الفلسطيني الذي يصر على الحياة والفرح على الرغم من كل القبح الإسرائيلي الذي استباح أرضه وممتلكاته وحتى الهواء الذي يتنفس منه. تقدم المخرجة النجار الجانب الفلسطيني الثري روحياً من خلال مشاهد عرس قمر وزيد، حيث لا تغيب البسمة والغناء والفرح على الرغم من مرور الزوج وأسرته، وهم في طريقهم، إلى القدس، حيث حفل الزواج، على نقاط التفتيش الإسرائيلية، وكذلك مرورهم بجوار الجدار الذي زاد من مشقة الفلسطيني في حياته اليومية، ولحظة احتفال أسرتي الزوج والزوجه بانتهاء موسم حصاد وعصر الزيتون، وتلك القبلة الساحرة التي تحدت كل الأسلاك الشائكة وكل الحديد وكل حاجز يمكنه أن يقف أمام تحققها بين الحبيب “الزوج” والحبيبة “الزوجة”، لتوجه بها المخرجة صفعة قوية على الوجه الإسرائيلي الذي صادر أرض زيد واستباح أرضه لمدنيين إسرائيليين بلا أدنى أخلاق أو قيمة إنسانية تستحق الاحترام.. قبلة تقول بأن الجمال الفلسطيني باقٍ مهما طال الزمن ومهما تمادى المحتل الغاشم المستبيح للحقوق. حتى تلك الحالة العاطفية التي شطت بقمر قليلاً نحو مدرب الرقص، ما هي إلا حالة إنسانية طبيعية، يمكن أن تحدث لأي إنسان، حيث لا أحد فوق المشاعر حين تميل أو حتى تطير، ومن هنا حاولت المخرجة أن تقدم الإنساني بمعناه المطلق من خلال فيلمها المتقن. وتختم المخرجة فيلمها بالحدث الذي لازم التسلسل الدرامي للفيلم، وهو تدريبات الرقص، بتقديم العرض الراقص “المر والرمان” أمام الجمهور الذي صفق كثيراً للعرض، وقمر وهي تختتم مشهد الرقص والفيلم بتلك النظرة الشغوفة لزوجها الذي وقف في آخر صف الحضور يبتسم لها، كدلاله بأن الحب ما زال حياً في قلبها، وأنه هو كذلك.. “المر والرمان” قصة انسانية أهدتها المخرجة إلى فلسطين التي تستحق كل الجمال. سعد جمعة | saadj mah@hotmail.com