كنا ذهاباً لقضاء أمر ما، فركبت مع أحد الأصدقاء في سيارته الفارهة والجديدة، حفظه الله وإياها من كل مكروه، وقبل التحرك كعادتي سحبت حزام الأمان لربطه، فإذا به يصرخ مع ضحكة استهجان واستنكار، لا لا ما يحتاي، شو هالحركات.. حزام أمان.. لا لا ماله داعي. استغربت منه، ومن تصرفه، ولم يزدني موقفه إلا إصرار على ربط حزام الأمان، وإن كان المقصد داخل العاصمة، وظللت أحاول ربط الحزام لكن دون جدوى، فلا مكان لربطه، فثمة مقبض آخر قد ربط بمكان وضع الحزام، لكن دون حزام، فقط المشبك أو رأس الحزام، تلك القطعة الحديدية قد وضعت بمكان ربط الحزام، فقلت له، هل قطع عنك الحزام السابق؟ وكيف؟ قهقهه من جديد وقال: تعرف أنى دخت، وهلكت لين ما حصلت على هذه القطعة، وبعد أكثر من خمسة مشاوير الى المصفح ظللت أبحث عنها أنا وإخواني الاثنين لمدة أسبوع في كل المناطق الصناعية لنحصل على هذه القطعة اللعينة، إلى أن وجدتها، وكنت مستعداً لشرائها بأي ثمن! وباستغراب سألته ولماذا هذا العناء، والتعب والبحث؟ ولماذا تسد فتحة ربط الحزام أصلاً؟!! فكان رده جاهزاً أسد فتحة الحزام لإسكات صوت المنبه المزعج!، فقلت له: وماذا عن الحزام كيف تلغيه وتنسف دوره؟ ولماذا لاتقوم بربطه لتخرس المنبه المزعج كما تدعي؟!!، ولماذا تعرض حياتك، وحياة من معك للخطر؟
فقال: تعرف أنى لا أعرف القيادة إذا ربطت حزام الأمان!!، ولهذا السبب كنت على استعداد لدفع أي ثمن مقابل هذه القطعة التي لم أجدها حتى في الوكالة.
بهذه الكلمات غير المقنعة، وغير المنطقية، انتهى الحوار مع الصديق العزيز، بعد أن حررت قطعة التمويه اللعينة، وربطت الحزام، وبعد أن فشلت محاولاتي لإقناعه بربط حزام الأمان، فظلت القطعة اللعينة في مقبض حزامه، وخلص حوارنا إلا أنه لم يأت بجديد، فغالبية إن لم يكن كل الأصدقاء والأصحاب والشباب يعرفون ذلك، ويفعلون هذه الحركة التي أراها مجنونة، بل وذهب لأبعد من ذلك بأن فعلتي، وهي ربط حزام الأمان مستنكرة ومستهجنة عند الشباب، فلا أحد اليوم يربط حزام الأمان!
ولهذا الصديق العزيز، ولجميع أصدقائه ومن يقوم بفعلته أقول إن حزام الأمان من أهم الوسائل التي تقلل من نسبة حوادث الوفيات والإصابات في الحوادث المرورية، فقد تبين أن استخدام حزام الأمان يقلل من نسبة الوفاة أثناء الحوادث بما يعادل 50% لركاب المقعد الأمامي و60% لركاب المقعد الخلفي. وثلاثة أرباع الركاب الذين يندفعون خارج السيارة أثناء الحوادث يموتون، وقد تبين أنه مع ربط الحزام فإن إمكانية الاندفاع خارج السيارة هي 1%، بينما تتجاوز 20% لدى الذين لم يستخدموا حزام الأمان.


m.eisa@alittihad.ae