قليلة هي الأخبار التي تثلج الصدر هذه الأيام، خاصة إذا كانت تتعلق بجماهيرنا وزحفها إلى المباريات، فقد بات هذا الأمر، أشبه بـ«الأسطوانة المشروخة»، حتى مللت شخصياً الحديث عنه وفيه، لا سيما إذا كان الأمر متعلقاً بمباراة للمنتخب، بل إنني ضد نشر إعلانات تطالب الجمهور بالزحف إلى ستاد كذا أو كذا للوقوف خلف المنتخب، لأن مثل هذه المناسبات، هي واجب وطني، والمشاركة فيها لا بد وأن تنبع من إحساس عميق، بضرورة دعم من يمثل الوطن، دون النظر إلى جدول نتائجه ومستويات لاعبيه، فكما قلنا، هو واجب وطني. المهم أن خبراً أثلج الصدور، جاءنا هذه الأيام من حيث لم نتوقع، بالكشف عن زيادة جماهيرية كأس اتصالات بنسبة 150% عما كانت عليه الموسم الماضي، أي أنها تضاعفت مرة ونصف المرة، وهو ما نتمنى أن تمتد عدواه إلى دوري المحترفين، باعتباره الواجهة، وأحسب أن المسابقة هذا الموسم وبحسب المؤشرات ستكون مختلفة، وأن الحضور الجماهيري سيزداد نوعاً ما، وإن لم يكن بالطفرة ذاتها التي شهدتها انطلاقة كأس اتصالات. أما لماذا هذه الطفرة، فإضافة إلى ما قيل من وجود النجوم بشكل غير مسبوق في دورينا هذا الموسم، أزيد أن طبيعة المواجهات في انطلاقة البطولة، كانت مؤشراً على تلك الزيادة التي حدثت، فالجولة الأولى شهدت مباراتين، لا يمكن أن تغيب عنهما الجماهير، أياً كانت المحطة التي تلتقي فيها تلك الفرق، لأنها تقريباً الأعلى جمهوراً في المشهد الكروي الإماراتي، الأولى تمثلت في لقاء بطل الثنائية، فريق الجزيرة صاحب القاعدة الجماهيرية التي لا يستهان بها، والتي وضعته مرات كثيرة في صدارة المشهد الجماهيري، مع الوصل، الذي يقوده مارادونا، والأخير بات له جمهوره في كل الإمارات، كما لا ننسى أن الوصل بالذات، من الفرق التي تربطها علاقة خاصة بجمهورها، وعشاق الفهود، لهم مواقفهم التاريخية، خلف الفريق، سواء داخل الحدود أو خارجها، ولعل مشهدهم خلف الفريق في «الخليجية» لا يزال عالقاً بالأذهان، ولا يمكن إغفال قوة القلعة الصفراء على الصعيد الجماهيري التي تعد نموذجاً فيه. أما المباراة الثانية، وهي «الكلاسيكو»، فطرفاها، العين والوحدة، كفيلان، بأن يجلبا للجولة ما يحفظ لها ماء الوجه من الجماهير، ودائماً مبارياتهما معاً، بمثابة جولة خاصة، تستعد الجماهير من الجانبين لها بشكل خاص، ولا علاقة لها بموقف الفريقين في الدوري أو في أي بطولة أخرى، فلقاؤهما معاً بطولة، وفوز أحدهما على الآخر، يعني الكثير لجماهير الفائز. هاتان المباراتان كانتا كفيلتين بإحداث هذه الطفرة في معدل الحضور الجماهيري، وعلى الرغم من سعادتي الغامرة بهذا التقدم، إلا أنني أتوقع أن تعود المعدلات للانخفاض التدريجي مع توالي المباريات، فلن يتسنى للجولات المقبلة، أن تشهد ما شهدته ضربة البداية، وهذا بالطبع لا يمنع أن لبقية الفرق عشاقها، وهؤلاء مع أولئك ساهموا في رسم ملامح تلك الصورة، التي نتمنى أن تستمر. بالطبع، هناك أسباب أخرى، ولكن تبقى البداية «السوبر» للموسم، والتي كانت بمثابة «مقبلات» لموسم توقع له الكثيرون، الإثارة والندية، وإنا لمنتظرون. كلمة أخيرة: الجماهير هي طعم الملاعب ورائحتها.. من دونها، نبدو كمن يحرث في الماء. mohamed.albade@admedia.ae