احتفت العاصمة خلال الأيام القليلة الماضية بالدورة التاسعة من المعرض الدولي للصيد والفروسية “أبوظبي2011”، برعاية كريمة من سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الغربية رئيس نادي صقاري الإمارات. احتفاء درة المدائن بهذا الحدث المميز، وحرص كبار المسؤولين في الدولة والمواطنين على زيارة المعرض، يؤكدان مدى ارتباط إنسان هذه الأرض بالرياضات التراثية والعادات الأصيلة التي جبل عليها أبناء هذا المجتمع الأصيل، الذي نجح في توظيف هذه الرياضات التراثية وجعلها جسراً للتواصل الحضاري وتعزيز علاقات التعاون مع شعوب العالم.
ويتذكر أبناء جيلي استضافة مؤسس الدولة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، لأول مؤتمر عالمي لرياضة الصيد بالصقور في العالم، وذلك في عاصمتنا الحبيبة شتاء 1976، واكتشفنا من خلال ذلك المؤتمر وجود شعوب صديقة تشاركنا الشغف والحب لرياضة الفرسان تلك، ليمثل المؤتمر وفعالياته التي استقطبت قيادات وشخصيات قيادية من مختلف أصقاع الأرض أرضية للحوار والتعايش، تحرص دوماً إمارات الخير والمحبة على تأسيسها.
وذات صيف كنت في محمية طبيعية تبعد مسير نحو ساعتين من العاصمة الكازاخية استانا، ووجدت المرافق يحدثنا عن بصمات لقائد مسيرة الخير خليفة الخير لإكثار الحبارى ورعاية الصقور في تلك البقعة القصية شديدة البرودة من وسط آسيا، كما زرت من قبل مناطق في براري المغرب وتنزانيا، جعلها أبناء إمارات العطاء مراكز تنبض بالحياة، وهم يترسمون خطى القائد المؤسس رحمه الله وخليفته حفظه الله بإحياء هذه الرياضات التراثية، وجعلها وسيلة لتعزيز التفاهم وترسيخ التعاون بين الناس، ورعاية الإنسان والطير من خلالها. فعلى امتداد مناطق من المغرب وباكستان تشتهر بأنها “مقانص” أثيرة لأبناء الإمارات، تجدهم ينثرون الخير عيادات ومراكز صحية ومشاريع بنية تحتية تعم بخيرها بسطاء الناس في تلك المناطق.
وهناك في نواحي أروشا في العمق التنزاني، انتصبت معالم حياة جديدة من مستشفى ومهبط للطائرات وطرق للخدمات من بصمات خير وجود أهل الإمارات الذين يحرصون أينما وجدوا على نثر الحب والخير وإسعاد الآخرين، بالأخص المجتمعات المحرومة.
واليوم ونحن نتابع المكانة الدولية التي أصبح عليها معرض أبوظبي للصيد والفروسية، وهو يجتذب أشهر وكبريات الشركات العالمية في هذا المجال، والذي بات ملتقى تهفو إليه قلوب عشاق التراث والصحراء وهواة القنص، نحي الدور الكبير والملموس لهيئة أبوظبي للتراث والثقافة، والتي أخذت على عاتقها ترجمة توجيهات قائد مسيرة الخير بصون التراث ورعايته من خلال غرس حبه في أجيال اليوم والتحلي بأخلاق الفرسان، والانتقال بالحفاظ عليه عالمياً من خلال تسجيل الصقارة كتراث إنساني حي في قائمة “اليونسكو”.
كما أثمرت جهود الهيئة في إدراج مدينة العين كأول موقع إماراتي على لائحة المنظمة الدولية الخاصة بالتراث العالمي للبشرية، وهي جهود متصلة بتنفيذ رؤية ثاقبة للقيادة الرشيدة تجعل من صون الموروث الأصيل منطلقاً لتعزيز قيم التسامح والانفتاح على الثقافات والحضارات كافة، وبناء جسور من العلاقات المتكافئة بينها من خلال الحوار والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل، من أجل خير الإنسان في كل مكان.


ali.alamodi@admedia.ae