تجاهل مشكلات البيئة يهدد بانقراض الإنسان .. هذا ما حذَّر منه وريث العرش البريطاني الأمير تشارلز، ويأتي هذا التحذير المرعب، في أعقاب ما يشهده العالم من فقر وأمراض وأمية، إثر المجاعات التي تضرب بلداناً عدة في أفريقيا وآسيا جراء الحروب وشح المياه، والتجارب النووية وأدخنة المصانع وتلويث البحار والأنهار بالعوادم السامية، ما يجعل البيئة البشرية والحيوانية معرضة للانقراض، وهذا ما يسميه العلماء بالانقراض السادس الكبير..
فبعد التحول الصناعي الكبير ودخول الدول في سباقات صناعية رهيبة، واللذين جعلا أرباب رأس المال لا يهابون العواقب ولا يخشون ما ستؤول إليه الطبيعة من كوارث تهدد بانقراض النوع البشري.. فاليوم مثلاً في الصومال يعيش حوالي 780 ألف شخص تحت وطأة الجوع مشردين في القفار والصحارى الموحشة، دون مأوى أو مأكل أو علاج للأمراض المعدية والفتّاكة، في حين تتسابق الدول العظمى لإنجاز أعتى الأسلحة الفتاكة، وتحقيق نجاحات مبهرة في الصناعات الكيماوية، التي تنفث مداخنها كتلاً من السواد الدخاني القاتل .. فانشطار العالم إلى عالمين أحدهما يسعى للقفز على مصير الآخر، وثانيهما يفتح أفواهاً فاغرة، تنتظر اللقمة من فم الأسد، جعل الكون الإنساني يعاني من حالة اللا توازن، ما يلزمه أن يقف لحظة تأمل وينظر إلى الطرف الآخر من القارة البشرية، التي تتشظى ألماً وتتلمظ شظفاً، جرّاء العازة إلى تحقيق أبسط الحقوق للعيش بكرامة، وبلا قولة الاستجداء، والاكتواء بنيران العوز المرير.. تصريحات الأمير تشارلز هي صرخة في فضاء عالمي، يحترق بجحيم التسلق والتألق، على حساب الطبيعة المهيأة الآن أكثر من أي وقت مضى للزوال، والاندثار، بفعل فاعل اسمه الإنسان .. فلا يستطيع أحد أن ينكر أو يستنكر هذا التطور الهائل في المجال التكنولوجي العظيم، لكن في المقابل لا أحد يمكنه أن يغفل لما لهذا السباق من أضرار فتَّاكة إذا ما أهمل الجانب السلبي للأضرار التي تصاب بها البيئة جراء الاستسهال في النزيف والتجريف والانحراف عن المبادئ السامية لأي تقدم أو تطور.
فالعالم الصناعي اليوم مطالب بأن يضع حداً لتلك الانحرافات التي جرَّت الويلات للبيئة وجعلتها فريسة للأيدي العابثة واللا مبالية على ما تجنيه من افتراس فظيع لحقوق الإنسان، وإجهاض لنمو طبيعي لكل مكونات الطبيعة من حياة وزراعة وكائنات حيوانية، هي أساس حياة الإنسان وأصل بقائه على الأرض، سليماً معافى مشافى من درن الفقر والمرض والجهل .. نتمنى أن تجد صرخة تشارلز صدى لدى أرباب بلده أولاً، ثم البلدان الأخرى، ذات الشأن الصناعي والاقتصادي لينجوا الملايين من البشر من الموت المحقق.


marafea@emi.ae