اختلف لصوص العصر الجديد، فلا عادوا يتختلون في الظلام، وأنصاف الليالي، ولا منظرهم يوحي بتربية الشوارع، وعلامات ظاهرة في الوجه، من ضربة سكين أو شطبة موس، ولا يكون جيبك أو خزانتك هي هدفهم، لصوص اليوم يسرقونك عن بعد، وأحياناً سرقات عابرة للقارات، والهدف عادة جهاز الهاتف النقال أو الكمبيوتر أو بطاقاتك البلاستيكية المصرفية، قد يسرقون معلومة، وهذه ثمنها باهض في السوق، حينما يتسللون إليكترونياً، ويهاجمون مواقع حكومية أو لشركات حساسة، وتشاع لجمهور الشبكة العنكبوتية أو يتم التقايض بها أو بيعها لخصم أو منافس، وأكثر الأمكنة عرضة لهذا الهجوم الإليكتروني موقع وزارة الدفاع الأميركية، رغم كل الاحتياطات الأمنية، ودروع الأمان، أما السرقات والتحايل الإليكتروني المالي، فأصبح شائعاً ويتركز في الهند وجنوب شرق آسيا والصين، لكن كل هذه السرقات تأخذ طابع السرية أو الفردية، ولا يظهر منها إلا القليل، غير أن السطو الأخير غير المسلح الذي استهدف استديوهات هوليوود، وهواتف المشاهير فيها، من خلال مجموعة من الـ”هاكرز” يسمون “هوليود ليكس” وشعارهم “نحن لا نسامح أبداً.. ولا ننسى أيضاً” فيعد الأكثر اهتماماً وشغفاً ومتابعة من الناس الذين يعشقون الفن وأهله وفضائحهم وأسرارهم الخاصة، والأكثر خسارة للشركات السينمائية التي تتخذ كافة التدابير الأمنية والسرية حين تهم بإنتاج عمل فني، حتى العقود الموقعة مع العاملين في العمل الفني فيها شروط قاسية تخص السرية، وأي اختراق لها يعني نهاية هذا العامل، وشطبه من سجلات شركات هوليود كلها، ولو كان نجماً يدر على الشركات بيضاً من ذهب، ولكم أن تتخيلوا كم هي الخسارة التي تصيب الشركة المنتجة، حينما يسرق سيناريو فيلم في طور الإنجاز، لنجم بثقل كروز، وتكلف أموالاً مهدرة في مواقع التصوير، ووقع في يد آخرين من منافسين أو عابثين واطلع الناس على قصته وحيله ونهايته، وبالتالي تكبده خسارة أكيده في سوق العرض.
والأخطر في سرقة هوليوود الإليكترونية هو الاختراق للسرية الصارمة التي تحيط نجومها وحياتهم، والسطو على محتويات هواتفهم المحمولة والخاصة جداً، من أرقام سرية، وصور خاصة وحميمة، وعناوين لأماكن يترددون عليها، ونشرها للعلن، مثلما تم مع النجمة الجميلة سكارليت جوهانسون والتي عرضت لها صور عارية على الإنترنت، بأوضاع مختلفة، بعضها من عمل يدها، وعشقها لانعكاسها في المرآة، مما جعلها تستعين بـ”إف.بي. آي” لتتبع هؤلاء اللصوص الجدد، ومقاضاتهم، وهي واحدة من خمسين نجماً تعرضوا لمثل تلك القرصنة.
إن انتهاك الخصوصية والسرية للفرد هي سرقة العصر الجديد، سواء أجاءت من حكومات مثلما تفعل أميركا وغيرها تجاه مواطنيها أو غيرهم بحجة الأمن القومي، ومكافحة الإرهاب أو جاءت من أفراد يتلذذون بمتعة الفضول والتقرب من المشاهير، والكشف عن مستورهم!


amood8@yahoo.com