قرأت منذ أيام قصة تحكي عن كفاح أحد المخترعين الذي تمكن بإنجازه من الوصول إلى أعلى القمم وسط همة وإرادة لا تلينان هو المخترع المكافح الياباني ميكوموتو الرجل الياباني القروي الذي جعل بلده من أقوى الدول الصناعية؛ ولد ميكوموتو في قرية “توبا” لأب فقير يبيع الأرز المسلوق، ومنذ طفولته كان يساعد والده، ويقضي نهاره في دفع عربة صغيرة لبيع الأرز، وفي سن الثامنة عشرة عمل بصيد الأسماك والغوص وصيد اللؤلؤ وبيع الأصداف، وكان يهوى جمع النادر منها. كانت هناك أفكار وأسئلة لم يعرف إجابتها خصوصاً أنه لم يتعلم الكثير، وفي أحد الأيام ذهب ميكوموتو إلى أحد أصدقائه من المشتغلين بعلم “الأحياء المائية”، وسأله: لماذا يوجد اللؤلؤ في القواقع؟ ولماذا يوجد في بعضها وليست كلها؟ أجابه صديقه أن السبب هو أن بعض الطفيليات الموجودة في البحر تتسلل إلى داخل القوقعة وتجرح لحمها الناعم الضعيف، فتقوم القوقعة بالدفاع عن نفسها بأن تعزل هذا الجسم الغريب عن طريق إفراز مادة جيرية شفافة تحاصر هذا الشيء الغريب الذي تسلل إليها، وأن هذه المادة الجيرية الفسفورية التي يتم تكوينها في سنوات عدة هي اللؤلؤة، وهذه الطفيليات قد تكون حبة رمل أو قشرة سمكة أو حشرة صغيرة. ومن يومها وفكرة إنتاج اللؤلؤ بطريقة صناعية لم تفارق مخيلة ميكوموتو، الذي قرر أن يدخل جسمًا غريبًا في كل قوقعة يجدها، فجمع عددًا من القواقع وفتحها برفق وأدخل فيها الأجسام الغريبة، وانتظر عامين وبعد ذلك فتحها فلم يجد شيئًا فقد ماتت جميعًا. وحاول من جديد وهبت العواصف وماتت القواقع وخسر ميكوموتو الشيء الكثير، ولكنه لم ييأس وتعلم من تجاربه التي استغرقت 15 عاماً أن انخفاض درجة حرارة الماء إلى أقل من 7 درجات مئوية يقتل القواقع، لذلك يجب نقل القواقع من الماء البارد إلى الماء الدافئ، وتعلم أيضاً أن وضع عدد كبير من القواقع في قفص واحد يقتلها. فهذه الكثرة تؤدي إلى جوع القواقع وذبولها، ولذلك حاول ميكوموتو في المرات التالية أن يتلافى كل هذه الأخطاء، ومع ذلك كانت القواقع تموت. ولكن طوال الخمسة عشر عاماً لم تنجح أي من محاولاته حتى أصيب بفقر مدقع واتهمه الناس بالجنون، وحين دب فيه اليأس قرر العودة لبيع الأرز المسلوق ولكن زوجته رفضت هذا التراجع وقالت له: سأدفع أنا العربة، وتستمر أنت حتى يظهر اللؤلؤ! فكر ميكوموتو أن يمسك قوقعة بها لؤلؤة طبيعية ويدرسها ويعرف بالضبط مكان اللؤلؤة، وقام بدراسة العديد من القواقع الطبيعية وعرف تماماً أين يجب أن يضع الجسم الغريب، واكتشف أنه كان يضع الجسم الغريب في مكان غير مناسب، فقام بعملية زراعة الأجسام الغريبة في 5000 قوقعة أخرى، وبعد سنتين ذهبت زوجته إلى الشاطئ حيث أقفاص القواقع وأمسكت قوقعة وفتحتها ثم صرخت لقد وجدت لؤلؤة. وكانت أول لؤلؤة مزروعة في اليابان، وذلك في 28 سبتمبر سنة 1859. وأصبح هذا اليوم من كل شهر إجازة في كل شركات ومصانع ميكوموتو، الذي أصبح من أكبر أثرياء العالم، واستطاع بعد ذلك أن يتحكم في شكل ولون حبات اللؤلؤ، وكذلك عددها في القوقعة الواحدة. Maary191@hotmail.com