بإبهار رائع وخطى مطمئنة تمضي النساء في دروب الإبداع مخترقات المحظور، راسمات نهجا جديدا للكتابة تجاوز المألوف والمقنن، في الرواية والشعر والنقد، رغم الضجة، التي لا يبدو أنها سائرة إلى الهدوء، فقد أضيف إلى الضجة، التي انتشرت منذ تسعينات العقد الماضي حول إبداع المرأة فيما إذا كان إنسانيا أو نسائيا(!) أو أن كتابة المرأة اختراق للقيم والتقاليد وخروج على الاعراف، او انها تعدٍ على حق ليس لها وليست اهلا لاكتسابه..الخ من نقاش عقيم، يثير الضجر والدهشة من هذا الالحاح في عالمنا العربي الذي لا يحسم فيه امر ولا تنحل فيه عقدة.. فقد أضيف إليها ضجة أخرى تتسم بالسخرية حينا وحينا بالقذف وقلة الحياء واللا أخلاق والاباحية وأوصاف أخجل من ذكرها، عندما عبرت كتابات النساء في السنوات الاخيرة عن تفاصيل العلاقة الحميمة بين الرجل والمرأة، أو ما وصف بأنه (الكتابة بالجسد!!). ولا يبدو لي رغم تسابق دور النشر على هذا الابداع من منطق تجاري سوقي بحت، ان هذا الاستنكار والتساؤل سيجد جوابه الحاسم، لتترك المرأة تصطرع مع ذاتها المستلبة وتخرج مطمئنة الى افق الكتابة. ??? ولكن.. وفيما ترصد العين مشاهد الواقع العربي.. فيما تنبش الذاكرة في اليومي والتاريخ والحق والباطل، والممنوع والمجاز، تنهض النساء غامرات بغبطة الكتابة.. مازجات الطين بالخلق والماء بالسر، والكلام بجوهره. مبدعات الدعة بالصلابة، والليونة بالشموخ! ??? مرت عصور، كانت النساء في العصور كلها قوة الحياة ونبض استمرارها وطمأنينتها ورونقها، اشراقها وجمالها ومسراتها. الجانب المشرق من الحياة تصنعه النساء دوما، حتى في اقصى حالات العزلة واقسى حالات الغياب.. حتى في صليل القيود واشواك الاسيجة.. حتى في وحشة الالم ومرارة المعاناة، تنهض النساء على مدار الازمنة كي يقوّمن المعوج ويهندسن الفوضى، وفي هذا التضاد الغريب تسير بهن الحياة في زبد القناعة، وضلالة الغياب. النساء كن يكتبن قبل الكتابة، وكن يبعثن بالترانيم قبل النشيد.. كانت دفاتر النهار والليل قرطاسهن، وكان وجع الصمت حبرهن السري.. كن يفتحن المغلق ويكتشفن الغامض ويستأنسن العصي. وفي كل هذا كن يدوّن سيرورة البقاء بقدرة المطمئن! ??? ليست الكتابة سباقا غايته الفوز، ليس صكا على التفوق والقدرة، انها حفر في الاعماق وتجذير للانساني.. الكتابة تعبير عن موقف في الحياة، ورؤية للعالم، ورأي في الواقع والتاريخ واحتفاء بالذات وهي تخرج من غياهبها وتستيقظ من سبات حبك حولها واشتد، وشهادة على زمن ينخره الخراب الى جذوره. الكتابة شرف واستشراف، شهامة ونقاء وشجاعة. والمرأة اذ تكتب وتبدع لغتها واقانيمها فانما تؤسس جبهة نضال ناصع وشامخ في وجه التخلف والارتداد، ومنارة تدل، ومشعلا لا ينطفئ في طرقات الظلام. ايتها النساء الناهضات في بهاء الكتابة امضين في الكشف حد الخطورة، وفي الاعماق حد الغرق، فليس يبقى سوى نصوع الكلمة، وليس يبقى سوى صلابة الحقيقة.. وكل ما عدا ذلك غثاء وزبد! hamdahkhamis@yahoo.com